- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

طرابلس ليست ارهابية

Attwi Moammar 2014معمر عطوي
ليست طرابلس قندهار، ولا جرود عرسال هي تورابورا. كل ما في الأمر أن بضعة رجال تلوثت أفكارهم بتهويمات الإسلام السياسي فاقتنعوا أن حكم الشريعة هو المفروض عليهم تطبيقه ولو بحد السيف، وأن الاسلام بنظرهم هو الحل.
طرابلس هي مدينة الناس الطيبين والقادة، فيها الأميون والمتعلمون، البسطاء والمتكبرون، الوطنيون المقاومون والمنصرفون الى شؤونهم وعائلاتهم. هي مثل أي مدينة فيها الصالح والطالح فيها الخير والشر.
طرابلس التي كانت في مقدمة المدن تقف في الثمانينات ضد الاحتلال السوري الذي جاء لتصفية المشروع الوطني المقاوم ومحاربة الثورة الفلسطينية، كانت الى جانب المقاومة الفلسطينية. حضنت قادتها وشعبها وآزرتهم ولا تزال تحتضن بعضهم رغم كل محاولات تشويه العنصر الفلسطيني بجماعات ارهابية مثل “فتح الاسلام” و”جند الشام”.
طرابلس (وعكار ايضاً) هذه كانت في يوم ما منذ نهاية السبعينات وبداية الثمانينات خزان بشري للمقاومة في الجنوب، قبل ان تصبح المقاومة شركة تعهدات سورية محتكرة لفريق واحد.
وها هي طرابلس تدفع ثمن هذا الاختراق الارهابي من جديد بعد نحو سبع سنوات من معارك نهر البارد، فتتعرض لاختراق الارهاب ولحملة إعلامية سياسية شرسة تهدف لشطينتها ولتصوير أبناءها وكأنهم لا يبتسمون حتى للرغيف الساخن.
هذا ما حصل مع عرسال وما يُعاد انتاجه في طرابلس. مدينة وبلدة مثل باقي المدن والبلدات اللبنانية، تتعرضان للغبن على صعيد الخدمات وللتجاهل السياسي، وللاستخدام الأمني القذر في العاب الموت التي يمولها سياسيون من لبنان ومن خارج لبنان.
طرابلس هي خزان الجيش اللبناني البشري الذي لا معنى للدولة من دونه. والجيش يجد عمقه الاجتماعي في طرابلس وعكار. ويجد حاضنته هناك، حيث لا حاضنة للارهاب كما أراد الساسة والإعلام تصوير المنطقة.
طرابلس مثل بيروت وصيدا وصور والنبطية وبعلبك، أرسلت ابناءها الى المقاومة في الجنوب، كما دافعت عن كرامتها حين اراد الجيش السوري اخضاعها لسلطة استخباراته. هي مدينة الشهيد خليل عكاوي. وكذلك بحنين- المنية التي صادرها بضعة مشايخ باسم محاربة “الجيش الكافر” هي بلدة الأسير يحيى سكاف وليست بلدة خالد حبلص. ولا مجال لتعريفها الا على انها بلدة الاسير سكاف. مهما حاول اصحاب اللحى و”الدشاديش” ان يصوروها ويورطوها بأفكارهم العفنة.
كذلك طرابلس هي أم الفقير وهي بغية السائح الذي يفتش عن عبق التراث العربي الأصيل، ومعدن الناس الطيبيين. والجيش اللبناني في جزء كبير منه هو ابن هذه المدينة وما حولها من عكار حتى الحدود السورية. ابن الشمال هو ابن لبنان المدافع عنه في وجه الارهاب والتشدد والاجرام باسم الدين.
لكن لا يكفي أن تقوم السلطات الأمنية باعتقال المقاتلين الميدانيين في باب التبانة والمنية والضنية وعرسال، بل لا بد من اعتقال اصحاب الياقات البيضاء من سياسيين معروفين وغير معروفين يمولون هذه الحركات، إما بدافع مكاسب سياسية هنا أو هناك أو خدمة لاجندات خارجية تسعى الى تعزيز الفتنة التي أصبحنا في خضمها.
ومن الضروري لمعركة طرابلس ضد الارهاب أن تُستكمل بمعركة أخرى ضد ناشري الموت عبر المخدرات وهم كثر وثمة من يغطيهم من أصحاب الياقات البيضاء. اذ لا تُبنى الدولة ولا يتحقق عدل السلطة الا بالتعامل مع كل أشكال الإجرام وعدم استثناء احد من عملية التنظيف الذي يقوم بها الجيش.
الجيش اللبناني، الذي خسر العديد من الشهداء في هذه المعركة، هو المؤسسة الضامنة الوحيدة للسلم الأهلي والاستقرار والوحدة الوطنية، واذا لم تساندها الدولة بكل مؤسساتها، عن طريق معالجة كل مواطن الخلل والغبن والشعور بالنقص، ووقف الاستسنسابية في اطلاق الأحكام ومحاكمة الجميع على قاعدة ان لا سلاح الا سلاح الشرعية، وان الجميع سواء في الإجرام سواء من يقاتل في سوريا مع النظام أو كان مع المعارضة، فإن جهد الجيش سيذهب سدى ودماء شهدائه لن تكون سوى وقود لمناورات سياسية ليس الا.