جنيف – أوراس زيباوي (خاص)
شهدت مدينة جنيف أخيراً إعادة إفتتاح متحف الإتنوغرافيا* MUSEE D’ETHNOGRAPHIE DE GENEVE بعد الانتهاء من تشييد صرحه الجديد الذي استغرق العمل على بنائه حوالى أربع سنوات. ويتميز مبنى المتحف اليوم بطابعه الحديث المفتوح على المستقبل ومراعاته لقواعد العرض العصرية التي تجمع بين متعة مشاهدة التحف والجانب التعليمي والتوثيقي مما يجعل هذا الصرح مكاناً علميا مفتوحا أمام الزوار من كل الأجيال والجنسيات. بموازاة قاعات العرض المخصصة للمعارض الدائمة والمؤقتة، يضم المتحف أيضاً مسرحا ومكتبة هامة حول ثقافات الشعوب، بالإضافة إلى حديقة ومطعم.
والواقع أن هذا المتحف هو من أعرق متاحف مدينة جنيف، وقد تأسس بحلته القديمة عند مطلع القرن العشرين بفضل جهود عالم الأنتروبولجيا الشهير أوجين بيتار الذي ظل حتى وفاته عام 1962 يولي اهتماما كبيرا به، وقد جعله مفتوحا على تجارب العديد من الشخصيات المعروفة في مجالات العلوم الإنسانية.
يملك المتحف حوالى ثمانين ألف تحفة وأثر اختير منها ألف ومئتان تحفة حتى تشكل المعرض الأول الذي دشن به المبنى الجديد وهي تحف آتية من القارات الخمس وتختصر ملامح أساسية من الثقافات الإنسانية عبر العصور. تحف تتميز بقيمها الجمالية العالية من جهة، وتعبيرها عن المعتقدات الدينية وطقوس الموت والحياة قبل هيمنة الثقافات الحديثة والتكنولوجيات المتقدمة التي وحدت الشعوب وقضت على الخصوصيات الثقافية وتجلياتها المتنوعة. خلف الواجهات الزجاجية نشاهد مجموعة نادرة من الأقنعة والمنحوتات الخشبية والأقمشة وأدوات الكتابة والآلات الموسيقية… هذا بالإضافة الى أدوات تختصر أيضاً مظاهر من الحياة الزراعية وفنون الحرب والتقاليد الاجتماعية بالمعنى الواسع للكلمة.
بمناسبة افتتاح المتحف أيضاً يقام معرض استثنائي ثانٍ بالتعاون مع وزارة الثقافة في البيرو ويتواصل لغاية مطلع شهر مايو/ أيار المقبل، ويتمحور حول حضارة البيرو القديمة وملوكها المعروفين باسم موشيكا، وهي حضارة عريقة عاشت ما بين القرن الأول والقرن الثامن بعد الميلاد وتميزت بقيامها على تنظيم اجتماعي وسياسي واقتصادي تجسد في ابتكارات كثيرة شملت الفنون والعمارة والتعدين والزراعة وصناعة الفخار والحلي…
وحتى يظل المتحف مكانا حيا ومفتوحا على الثقافات المعاصرة، تقام طوال أيام السنة الندوات والحفلات الموسيقية والعروض السينمائية ومنها ما هو مخصص للأطفال والعائلات وطلاب المدارس.
اتنوغرافيا: علم وصف مختلف الأنام والأقوام والشعوب، ونمط حياتهم ومؤسساتهم.