- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

” عاشت ” الدبلوماسية !

Najat2014نجاة شرف الدين

في معرض وصفهم لشريكهم المفاوض في المحادثات الإيرانية الأميركية ، وصف مسؤولون رسميون أميركيون ، وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ب ” الدبلوماسي المبدع ” الذي قاد سياسة إيران المليئة بالمخاطر . هذا التوصيف الودي والنوايا الحسنة التي عبر عنها الطرفان من أجل التوصل الى إتفاق حول برنامج إيران النووي ، لم تستطع أن تمنع النتيجة التي تم التوصل اليها بعد ستة أشهر على التمديد الأول للمفاوضات ، وهو التمديد الثاني لسبعة أشهر مقبلة حتى شهر حزيران من العام المقبل .
صحيح أن معظم التوقعات كانت ترجح كفة التمديد لحاجة الطرفين الى عدم إعلان الفشل ، وصحيح أن الإخراج الذي حصل بالتمديد لسبعة أشهر أراح معارضي المفاوضات في الكونغرس الأميركي وإسرائيل وبعض الدول العربية ، إلا أن الصحيح أيضا أن مصير منطقة الشرق الأوسط ممكن ان يكون مهددا خلال هذه الفترة ، كما ان هذه المرحلة لن تكون سهلة على كل من الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الإيراني حسن روحاني ، لأن الفشل يعزز دور المتشددين في كلا البلدين ، وهو ما بدأ الحديث عنه بشأن إمكانية قيام الكونغرس الأميركي ، الجمهوري والمعارض لأوباما وسياسته تجاه إيران ، بعقوبات جديدة على إيران مما سيُعقد المشهد التفاوضي مما سيزيد من التوتر في المنطقة ، ولا سيما أيضا مع روسيا التي ستحاول تحميل الولايات المتحدة مسؤولية الفشل .
في المقابل ، فإن الرئيس روحاني ، الذي كان الإتفاق سيجعله حائزا على إنجاز دولي يُنهي خمسة وعشرين عاما من النزاع ويُدخل إيران نادي اللاعبين الدوليين وكان سيفتح المجال واسعا أمام معادلة إستراتيجية جديدة بين إيران وأميركا قوامها ملفات سوريا والعراق ومحاربة الإرهاب  ، فإنه حاول التقليل من سلبية الخطوة وإستيعابها والذهاب الى الأمام عبر قوله ” لن نتخلى عن برنامجنا وأجهزة الطرد المركزي لن تتوقف عن العمل ونعمل على رفع العقوبات ” وهو الموقف الذي أبدى مراقبون تخوفهم بشأنه بحيث تستكمل إيران خلال السبعة أشهر المقبلة برنامجها النووي وهو ما عبر عنه أيضا وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي قال ” إن سلسلة من الأفكار الجديدة طُرحت في الأيام الماضية من المفاوضات ” ومعتبرا أن الإتفاق المؤقت يحُد من البرنامج أثناء إستمرار المفاوضات ” .
بالطبع ستكون كثيرة التحليلات عن السبعة أشهر المقبلة بالنسبة للرئيس أوباما الذي لم يحقق إنتصارا أو إنجازا في السياسة الدولية ، كما بالنسبة لفريق الرئيس روحاني الذي سيواجه معارضة داخلية في ظل عدم إطلاق المرشد الأعلى أية الله علي الخامنئي ، والموافق على القرار الإستراتيجي بالمفاوضات ، صفارة الإنطلاق من أجل تخفيض حجم تخصيب اليورانيوم والمطلوب من أجل توقيع الاتفاق ، وعلى الرغم من وصول الجمهوريين الى الكونغرس ومعرفته بخطورة الخطوات التي يمكن ان يتخذها فيما يتعلق بالعقوبات .
على الرغم من إعتبار الحكومة الروحانية  الخاسر الأكبر من نتيجة المفاوضات كونها ركزت مهمتها على المفاوضات النووية وإزالة العقوبات  ، فإن  ” المبدع ” ظريف عاد الى طهران ، كما عاد كيري الى واشنطن ، حاملين  إنجازا لا يقل أهمية عن خطوة التمديد ، وهو إبقاء الدبلوماسية على قيد الحياة بينهما ، وهو بالإنجاز غير القليل في العلاقات بين الدول ، لا سيما بالنسبة لدولتين مثل إيران والولايات المتحدة ، كان من الصعب عليهما إطلاق صرخة  ” عاشت ”  الدبلوماسية …