- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الإرهاب: وجوه متعددة وهوية واحدة قاتلة

Attwi Moammar 2014معمر عطوي

من المفارقات السيئة أن يستيقظ المرء على خبرين إرهابيين يفصل بينهما مسافة جغرافية هائلة وتباين مذهبي لا ينفي التوحد على صناعة هوية قاتلة.

الخبر الأول من يمن كان سعيداً قبل أن يتحول شعبه الى شعوب؛ لكل منها هويتها ومذهبها ودولتها الخارجية الداعمة. والثاني من أستراليا التي فتحت ذراعيها للسكان والمستوطنين الجدد على حساب السكان الأصليين وقدمت كل التسهيلات وفرص العمل والتعليم للمهاجرين، خصوصاً من العالم الإسلامي، فباتت هدفاً لبعض من لا يحفظ الجميل. أو يبصق في الصحن الذي أكل منه بذريعة “واجب اقامة حكم الشريعة” أو مناصرة “أخوة مظلومين”، أو مجرد حركة للفت الانتباه الى أن الإسلام أصبح البعبع الذي يخيف ليس فقط في الموصل ودير الزور، بل في كل أنحاء العالم من رأس الرجاء الصالح حتى القطب الشمالي.

غريبة هي الذهنية التي تحكم الإسلاميين اليوم، سواء كانوا سنة أو شيعة، فما الفارق بين ما قام به الحوثيون، صباح اليوم، من اقتحام سكن طلابي في أرحب واحتجاز من فيه رهائن وبين ما قام به إرهابي أو أكثر في سيدني، صباح اليوم أيضاً، من اقتحام لمقهى واحتجاز من فيه بقوة السلاح.

الخبران هما خبر واحد

يؤهب للـ“إسلاموفوبيا” ويعزز مصاديقها في الواقع، فلا يجعلها مجرد وهم، بل أصبحت بالفعل حالة مخيفة ومثيرة للاهتمام.

هذا الإسلام الذي يزعم القيمون عليه أنه لا ينتشر إلا بالدعوة السلمية وبصدق تجّاره وأمانة أهله، هو اليوم منبع للخوف والذعر والإجرام.

هذا الإسلام الذي يقول فقهاؤه بأنه دين التسامح والمحبة والكلمة السواء و”الدفع بالتي هي أحسن” بات عقيدة تضم تحت جناحيها مجموعة من الموتورين الذين يريدون تحقيق سلوكيات ومفاهيم غير سوية تحت شعار “اقامة شرع الله والعدالة الالهية”.

ما يحدث في اليمن على أيدي الحوثيين بعنوان “المطالبة بحقوق اجتماعية ومطالب معيشية” قد لا يشبه من حيث الشكل ما حصل في نينوى والرقة تحت عنوان “الدفاع عن طائفة مهمشة ومغبونة من طائفة أخرى”. لكن المضمون هو واحد: استخدام القداسة لتغليف خطط سياسية إقليمية بغلاف ماورائي ديني من شأنه تحويل صراع المحاور الإقليمية الى “حرب مقدّسة” وقودها الناس والحجارة. والمستفيد الوحيد من هذه الحروب هم اللاعبون الذي غذّوا التطرف والتعصب بحجة نشر الدين الحنيف والعمل على “تطهير العقيدة الإسلامية من البدع” على حد قول السلفية في الحجاز، أو تحت شعار اعادة “الإسلام المحمدي الأصيل” والذي تمثله ايران.

بالفعل إنها مفارقة مزعجة أن يصبح أبناء هذا الإسلام السياسي “الجهاديون” بكل طوائفه وقوداً لحروب اقليمية وفي نفس الوقت آدوات لنشر القتل والإرهاب ونشر الفساد في الأرض.

والأهم والأخطر من كل ذلك أولئك المتحمّسون لهذه الظواهر الإرهابية المتطرفة بدافع حقد مذهبي أو جراء شعور بغبن ما. لكن المفارقة الأخرى أن هؤلاء المتحمسين لم يضعوا أنفسهم يوماً في موقع أب أو اخ او ابن لإمرأة مسبية تُباع في سوق الرقيق في الموصل او جبل سنجار، وبمسوغات شرعية تنهل من تراث الإسلام وحروبه لتبرر أن كل ما تقوم به هو من الإسلام ومن أعمال “السلف الصالح”.

إن من يدعم أو يتفاعل إيجابياً مع هذا التطرف بكل مذاهبه هو أخطر من الإرهابي نفسه. ويا ليته يصبح يوماً رهينة تحت ساطور الإرهاب يهددونه بالذبح مراراً وتكراراً، هل سيكون يومها مع نشر الاسلام بالسيف؟!