- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الديموقراطية قمر والعرب لا ينظرون إلى السماء

BT 2015نقطة على السطر

بسّام الطيارة

يقول مثل صيني: «السماء لا تتسع لقمرين». هكذا هو الأمر بالفعل. كان قمر الديموقراطية في لبنان يحتل سماء العالم العربي وينافس الديموقراطيات الكبرى في العالم. قبل سنة وبضعة أشهر حصل «خسوف» للديموقراطية اللبنانية فبات المجلس النيابي فرحاً بالتجديد لنفسه، وباتت قواعد اللعبة السياسية منع انتخاب رئيس للجمهورية مع خطابات سياسية تدور كلها بعيداً عن حالة المواطنين الذين يأنون تحت عناء الوضع الاقتصادي الصعب وسيف الإرهاب المسلط فوق رؤوسهم، وما فتئ السياسيون يتحدثون بلغة مدبجة منمقة بعيدة عن واقع حياة بلاد الأرز.

في تونس أطل هلال ديموقراطية من وراء غيوم الثورة التي أطاحت بالديكتاتور بعد أن ألبست المرحلة الانتقالية تونس رداءاً دستورياً جديداً وحصلت قبل أشهر انتخابات نيابية شهد الجميع على نزاهتها وبالأمس انتخابات رئاسية شارك ٥٩ في المئة من «التوانسة» بها وهم فرحين باحتلال قمر ديموقراطيتهم لسماء العرب، وهو ما تشدد عليه الصحافة العالمية ووكالات الأنباء: «تونس الديموقراطية الوحيدة في المحيط العربي».

هل يعني هذا أن قدر العرب هو أن تتوالى الديموقراطيات على الدول العربية واحدة تلو الأخرى لأن السماء لا تتسع إلا لقمر واحد؟

الديموقراطية التي تعني أن يكون الحكم ممثلاً للأكثرية في البلاد هي العدو اللدود للتطرف الديني ولا تخفي المنظمات الإرهابية كرهها للديموقراطية هكذا كان حال تنظيم القاعدة وهو حال تنظيمي النصرة و«داعش». ألم تقل «المذكرة الاستراتيجية»* والتي تعد المنهج الأساس لعمل القاعدة «أم اتنظيمات الجهادية»  في أولى صفحاتها «إن العرب قوم لا تصلح لهم الديموقراطية بحال!»*؟ ألا يصف هذا الكتاب الثورات العربية بأنها «كيوم بعثات» في إشارة إلى حرب الأوس والخزرج (نحو ٦١٧) التي فتحت المجال أمام قيام الدولة الإسلامية؟

الجهادية تتربص بالديموقراطية التي كانت محرك هذه الثورات. فما واقع الديموقراطية بعد أربع سنوات من قيام «الربيع العربي»؟

وقد أفلتت تونس من هذا الفخ. وتحاول مصر عبور قاطع ديموقراطية هددتها نزعة استبدادية عن طريق القوة وأمامها طريق طويل مليء بأفخاخ الجهاديين قبل العودة إلى سبيل حرية التعبير والانتخاب الذي هو «روح الديموقراطية». أما اليمن فتناتش السلطة والأرض واقع بين فخ الجهادية والتزمت يضاف إليها القبلية المتجزرة في العقول وكلها سموم للديموقراطية. في ليبيا انشطرت الديموقراطية وغرقت في رمول القبلية والنفط ومصالح الغربيين في ثروات البلاد. أما في سوريا فلا ديموقراطية في الجبهة التي تقاتل الجهاديين ولا ديموقراطية لدى معارضة فقدت الكثير من مقوماتها والجهادية تعلن ملئ شدقيها أنها تحارب لإقامة حكم الخلافة الذي لا يعترف بالديموقراطية.

ليحل قمر واحد في سماء بلاد العرب على الديموقراطية أن تحل في كل بقعة من بقاعه. كل دولة تحاول الهرب من هذه الديموقراطية متذرعة بأي حجة كانت (عادات البلاد والتقاليد، أو الديانات المتعددة، أو «رغبة» السكان أو ما شابه…) فهي لا تفعل سوى تأخير حصول الثورة «نعم الثورة» لتحصل غداً في ظروف أشد قسوة من أمس أو اليوم. هيا بنا نلتفت لتاريخ الأمم هذا التاريخ الذي لم يقرأه الدكتاتوريون لم يقرأه بن علي ولا القذافي ولا مبارك ولا عبد الله صالح ولا الأسد. هذا ما لا يريد الحكام العرب قراءته ليجنبوا بلادهم ويلات الثورات.

* المذكرة الاستراتيجية، لـ عبد الله بن محمد، دار التمرد، سوريا (التاريخ غير مذكور على الكتاب الموجود في الأسواق وعلى انترنيت)