- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

إشارات «روحانية»

نجاة شرف الدين

نجاة شرف الدينفي الخامس عشر من كانون الثاني، تستضيف فيينا مجددا الإجتماع بين الدول الكبرى الخمس وألمانيا مع إيران والمخصص للمفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني . الإجتماع يأتي إستكمالا للمباحثات السابقة ولا سيما ما يتعلق بتخفيض أجهزة الطرد المركزي وإمكانية إجراء عمليات التخصيب خارج طهران ، وتم إقتراح موسكو ، على الرغم من نفي المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم أن يكون قد تم الإتفاق على خطة لنقل اليورانيوم الى روسيا لإجراء عمليات التخصيب .
المفاوضات تأتي في الوقت الممُدد حتى الثلاثين من حزيران المقبل ، كما يأتي في وقت يكثر فيه الحديث عن إمكانية التوصل الى الإتفاق النهائي في شهر آذار المقبل .
في المقابل ،  المشهد الداخلي الإيراني وخاصة الإقتصادي يبدو صعبا  في ظل إعلان البنك المركزي الإيراني عن إرتفاع ديون حكومة الرئيس حسن روحاني للبنوك بنسبة أربعين في المئة خلال فترة سبتمبر 2013 الى سبتمبر 2014 ، إضافة الى تأثيرات إنخفاض أسعار النفط تحت عتبة الستين دولارا للبرميل مما أدى الى خسارة بالغة لم يستطع مبلغ 700 مليون دولار شهريا، والذي سمحت به الولايات المتحدة الأميركية من الأموال الإيرانية المجمدة نتيجة للمفاوضات ، من التعويض عن الخسائر التي مُنيت بها طهران بسبب العقوبات ، مما حدا بالرئيس روحاني الى الدعوة لإنهاء عزلة إيران عن المجتمع الدولي .
كلام روحاني اللافت في مضمونه وتوقيته ، والذي أعلنه في مؤتمر أمام 1500 خبير إقتصادي ، أراد من خلاله توجيه رسائل للداخل والخارج ، وهو بدا كمن يمهد الطريق والأجواء من أجل فتح الطريق أمام التوقيع على الإتفاق النووي وهو دعا في رسالة الى خصومه المتشددين الإيرانيين أو المعارضين للمفاوضات ، الى ” فتح الأسواق أمام المستثمرين مؤكدا أنهم لن يشكلوا تهديدا للبلاد مقترحا تنظيم إستفتاء في شأن مسائل مهمة بدل إحالتها على البرلمان ”  .
هذا الخطاب الروحاني المرن في تناوله للمف النووي من خلال التساهل في موضوع الربط بين المبادىء  والقضية من خلال قوله ” تجربتنا السياسية أظهرت أن البلاد لا يمكنها تحقيق نمو مستدام  وهي في عزلة ، لكن هذا الأمر لا يعني أن نتخلى عن مبادئنا وثوابتنا التي لن نناقشها على طاولة المفاوضات بل إن قضية المصالح هي المطروحة في عالم اليوم  ” وأضاف ” تسعى المفاوضات إلى إقامة جسر بين مطالبنا ومطالب الطرف الآخر، فمبادئنا ليست مرتبطة بأجهزة الطرد المركزي بل تتعلق بقلوبنا وإرادتنا، ولا بد أن نعزز هذا الإرتباط “.
أفكار إصلاحية طرحها روحاني في الإقتصاد والسياسية  ، وهو وجه رسالة ولو بطريقة غير مباشرة الى نظيره الأميركي باراك أوباما،  الذي كان غمز من قناة موقع إيران إن أبرمت الإتفاق النووي ، بأن ذلك سيجعلها قوة إقليمية ناجحة جدا ، سأل روحاني في إشارة الى مرونة ممكنة في الإجتماع المقبل مع الدول الست ” لو أبدينا مزيدا من الشفافية وأوقفنا التخصيب بنسبة معينة لسنا في حاجة إليها ، هل يعني ذلك التفريط بمبادئنا “.
مما لا شك فيه أن روحاني يريد فعلا القيام بخطوات تؤدي الى توقيع الإتفاق ، ومما لا شك فيه أن كلامه حمل رسائل مباشرة  للخارج كما للداخل ، إلا أن العبرة تبقى في تحوّل الكلام الى أعمال من خلال المزيد من الإجراءات الإصلاحية كي لا تبقى هذه الإشارات فقط روحانية ..