- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الربيع الاعلامي لم يأت بعد

نجاة شرف الدين

شكّل العام ٢٠١٠ بداية تحوّل في مفهوم الاعلام من خلال نشر موقع ويكيليكس لمئات الاف الوثائق السرية الاميركية. كان مجرد الاعلان عن  نشر ١٥ الف وثيقة عسكرية سرية حول حرب افغانستان  و٤٠٠ الف وثيقة عن حرب العراق  و٢٥١ الفاً و٢٨٧ برقية من برقيات الدبلوماسية الاميركية تكشف محاضر اجتماعات لمسؤولين أميركيين مع زعماء وروؤساء وشخصيات عربية حدثاً بحد ذاته فتح النقاش  واسعاً حول مفهوم الاعلام ودوره .

تصدّر جوليان اسانج الحدث واهتم الاعلام بنشر الوثائق والاطلاع على شخصية اسانج ودار نقاش حول عمل الصحافي، وخصوصاً أن ما فعله هو نشر ما حصل عليه من وثائق واقتصر على تقدير اهمية البعض منها وتأثيرها في الراي العام.

ومع نهاية العام ٢٠١١ دخل الاعلام في نقاش جديد من نوعه، متجاوزاً محطة ويكيليكس ليصل مع تغطية الثورات العربية الى دور المواطن المراسل (والذي كان بدأ بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في طهران) من خلال استعمال جهاز الهاتف الخلوي للتصوير واستعمال الانترنت لنشر الصور، ما جعل المواطن  يلعب دوراً اهم من الصحافي في بعض المحطات والمناطق والبلدان، ولا سيما في سوريا.

ونتيجة لهذه التغطية اعتبر العام ٢٠١١ عام الثورات، واختارت الصحف الغربية شخصية العام صورة الثائر العربي، كما اختارت التايمز اللندنية محمد البوعزيزي شخصية العام، وبدا تأثر الغرب واضحاً بما حصل، الا ان الاعلام العربي، الذي واكب لحظة بلحظة ما يحصل، لم يواكب الحراك العربي على المستوى الاعلامي، فبقيت المؤسسات الإعلامية تعكس توجهات إما دول او احزاب او أشخاص يملكون هذه المؤسسات .

الربيع العربي، وهو المصطلح الغربي الذي اطلق على الاحتجاجات والتظاهرات المناهضة للانظمة، استفاد من عناصر جديدة مساعدة، وخصوصاً الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وأحدث تغييراً في مفهوم الاعلام التقليدي. هذا التغيير بالمعنى السياسي للربيع لم يواكبه تغير بالمعنى الاعلامي للربيع، فحافظت وسائل الاعلام على اجنداتها مكتفية بنقاشات تعلو وتنخفض في لحظات معينة على ايقاع المواضيع المطروحة والاشكاليات حول مفهوم الدولة والديموقراطية في العالم العربي من دون الوصول الى مرحلة الثورة على المفهوم .

وفي انتظار تجاوز المرحلة الانتقالية ليزهر الربيع العربي مؤسسات ديموقراطية تؤمن بحرية التعبير من خلال  صياغة قوانين عبر مؤسسات الدولة في مجلسي الوزراء او النواب تحفظ وتحمي الصحافيين والمؤسسات الإعلامية لأي جهة انتمت، وبانتظار قيام مؤسسات إعلامية تعبر عن واقع وتكشف الحقائق والارتكابات لأي جهة او سلطة سياسية كانت، يعيش الاعلام في مرحلة انتظار ربيعه العربي الذي لم يأت بعد.