- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لبنان: تحالف الفاسدين ضد الشعب

Attwi Moammar 2014معمر عطوي

أظهرت انتخابات رابطة التعليم الثانوي في لبنان، يوم الأحد الماضي، أن المعركة في بلاد الأرز ليست معركة بين سنة وشيعة أو بين مسيحيين ومسلمين، بل هي معركة طبقية بامتياز، يصطف في طرفها الأول الأحزاب السياسية الطائفية ومن يدور في فلكها من علمانيين مزعومين من تياري 8 و14 آذار في جبهة واحدة، وفي طرفها الثاني قلة من اليسار الفقير الذي يحمل هم الموظفين الفقراء ويطالب بحقوقهم.

ربما استطاع القيادي النقابي اليساري، الرئيس السابق للرابطة، حنا غريب، أن يخرق لائحة الآذاريين التي انضم إليها من تبقى من أحزاب من خارج المناخ الإصطفافي (عدا “الحزب الشيوعي” الذي انضم إلى لائحة المستقلين) فجاء غريب في المرتبة الثالثة (299 صوتاً) بعد مرشحين عن “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” هما: عبدو خاطر (302 من الأصوات)، ويوسف زلعوط (301 صوت.

لكن غريب، الذي تصدّر الحركة النقابية في الشارع على مدى ثلاث سنوات مطالباً بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، قد حصد نسبة الأصوات هذه بفضل جهوده ونضالاته وقيادته الصارمة لتحركات “هيئة التنسيق النقابية”.

أما الأساتذة، الذين انتخبوا غريب في المرتبة الثالثة، فقد أعطوا في المقابل أصواتهم لستة عشر عضواً من الطيف السياسي الذي يدير الفساد وينظم السرقات ويعمل وفق سياسة المحسوبيات.

هذا الطيف السياسي الذي فتك بأطفال لبنان وفتيانه في الشارع تحت شعار خوض صراع المعسكرين (8 و14 آذار) لا يخجل من الوقوف صفاً واحداً كالبنيان المرصوص حين يكون الملف متعلقاً بتحسين شروط عيش المواطن اللبناني، ورفع نسبة النمو الاقتصادي في البلد ومحاربة الفساد ورفع اليد عن المساحات الشاسعة من أملاك بحرية ونهرية بهدف تأمين أموال لتمويل “سلسة الرتب والرواتب” على سبيل المثال.

لقد أظهرت النتائج فوز لائحة “التوافق النقابي” المدعومة من تحالف 8 و14 آذار و”التيار الوطني الحر” و”حزب الله” و”الحزب التقدمي الإشتركي” بـ 16 مقعداً، في حين خرق حنا غريب اللائحة وفيصل زيود بمقعدين، مما يعني أنّ الانتخابات استبعدت غريب عقاباً له على قيادته لتحرك “هيئة التنسيق النقابية” الضاغط لإقرار سلسلة الرتب والرواتب. وبالتالي فان موضوع السلسة سيصبح في خبر كان أو سيُقر بنسخته المشوهة. وحتى لو صدرت بالحد الأدنى من الإنصاف فسيقطف ثمرتها نقابي آخر ربما ليس له باع بأي تحرك.

في أي حال، ليس الأمر جديداً على اليسار والحركات النقابية ذلك التهميش الحاد الذي يحصل للقوى غير الطائفية في لبنان. فالأمر بدأ منذ دخول القوات السورية واستخباراتها في منتصف السبعينات، حين تم القضاء على “الحركة الوطنية اللبنانية” المدعومة من منظمة التحرير الفلسطينية، في مقابل تعزيز نفوذ الهيئات الطائفية ومافيات الفساد المالي والأحزاب التي تدور في فلك تحقيق الانقسام بين الطائفي والطبقي، على طريقة “فرّق تسد”. لم يكن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد أقل سوءاً من رؤساء البيت الأبيض في واشنطن، في طريقة زرع الشقاق بين الشعوب لتوطيد مداميك الحكم وتعزيز السلطة الاستبدادية التي لا يمكن لها الاستمرار من دون نشر الفساد لإرضاء أركان المشهد السياسي، وتوظيف الدين والمذهبية لتسعير حدة المواجهة حين تقتضي الضرورة.

ربما كان حنا غريب يعرف أنه يناضل من أجل الفقراء في معركة محقة وسط مجموعة من الذئاب، لكنه واصل الطريق وأصرّ على خوض المعركة حتى تظهر سوءة هؤلاء بأبشع صورها في انتخابات رابطة الأساتذة. المفارقة أن هؤلاء المعلمين الذين يفترض أن يكونوا نخبة المجتمع أثبتوا أنهم مجرد أرقام في حظائر الطوائف بكل أسف.