- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

تورط “حزب الله” في سوريا حاجة إسرائيلية

Attwi Moammar 2014معمر عطوي
تؤكد التطورات العسكرية الأخيرة التي شهدتها منطقة جبل الشيخ من القنيطرة حتى مزارع شبعا وما حولها، أن عملية اغتيال عناصر من “حزب الله” مع مسؤول إيراني كبير في جنوب سوريا، والرد عليها بعملية عسكرية استهدفت رتلاً من الآليات العسكرية للعدو الصهيوني في جنوب لبنان، كانت مجرد عملية خاطفة ورد خاطف.
ويبدو أن “حزب الله” أعلن بيانه الرقم واحد، لكي يوحي للعدو أن هناك عمليات أخرى تأتي في إطار الثأر لشهداء غارة القنيطرة، حيث فقد الحزب أحد قادته العسكريين (أبو عيسى) ونجل أبرز مؤسسيه ورموز مقاومته (جهاد مغنية)، في إشارة واضحة الى ان عدد قتلى وجرحى (أعلن العدو عن قتيلين فقط بينما يتوقع الحزب أن يكون العدد أكبر بكثير) عملية العباسية في مزارع شبعا لا تشفي غليله.
لكن العملية العدوانية الصهيونية في القنيطرة والرد المقاوم في مزارع شبعا بدوا في إطار محدود لا يسمح للتمادي أكثر، لا من جهة الحزب ولا من جهة العدو الإسرائيلي؛ بالنسبة للحزب وبعد تورطه في معارك سوريا التي تتخذ بشكل أو بآخر شكلاً مذهبياً، غير قادر على التفرغ لمعركة شاملة مدمّرة مع الصهاينة في هذا الوقت قد تذهب بما تبقى من شعبيته في لبنان الذي لم يعد يحتمل قرارات حروب أكبر من طاقته، حتى من جمهور الحزب نفسه.
وبالنسبة لإسرائيل فإن الوقت الحساس التي تمر به الحكومة المقبلة على تنظيم انتخابات تشريعية في منتصف آذار، لا يسمح لها بخوض حرب قد تنعكس سلبياً على شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
واقع الحال، أن “حزب الله” بات يمتلك عدداً كبيراً جداً من الصواريخ التي تعززت بفعل الأزمة السورية، لا سيما بعدما نقل بعضاً من ترسانة الجيش السوري إلى لبنان، وفي هذه الحال ستكون الحرب محرجة لقادة العدو أمام المستوطنين الصهاينة ومحتلي فلسطين الذين لم يشفوا بعد من أوجاع الحرب على قطاع غزة. وبالتالي فإن أي قرار بالحرب سيكون مكلفاً للطرفين.
فالكيان الغاصب أيضاً بات يمتلك أسلحة متطور جداً وحصل على قذائف أكثر قدرة على التدمير الشامل، وهذا يضع الحزب أمام واقع جديد، قد لا يكون مشابهاً لحرب العام 2006. خصوصاً أن المقاومة في حرب تموز كانت تمتلك احتضاناً جماهيرياً قد يفوق السبعين في المئة من الشعب اللبناني. لكن وبعد تورط الحزب في سوريا وتصاعد نبرة اللغة المذهبية، بات الحزب في موقع الباحث عما يعيد إليه بعض ماء الوجه. لذلك ربما ستكون الحرب الإسرائيلية المقبلة تحمل بذور نهاية هذا الحزب الذي يتصرف وكأنه صاحب القرار الأوحد في لبنان والمنطقة، وبات يخوض حروبه الخاصة بمعزل عن تداعياتها على الداخل اللبناني. علاوة على أن نتائج أي حرب تدميرية على لبنان لن تجد هذه المرة تمويلاً خليجياً لإعادة إعمارها كما حدث في العام 2006، كما أن الوضع المالي الإيراني في تراجع بفعل هبوط أسعار النفط وتكاليف التورط في المستنقع السوري.
في أي حال الجانب الصهيوني ترك رده على عملية مزارع شبعا، محدوداً بلا ضحايا حتى لا يستفز المقاومة فيتسع مدى الرد. وهذا ليس عائداً فقط لخوف إسرائيل من معركة تجهض انتخاباتها، بل يعود إلى حرص الكيان الغاصب على بقاء “حزب الله” متورطاً في الحرب السورية. هذه الحرب ضربت عصفورين بحجر واحد؛ جرّت المقاومة إلى وحول المذهبية القذرة وأفقدتها جزءاً كبيراً من شعبيتها، وشوهت صورة الثورة السورية التي تورطت أيضاً في الفتنة المذهبية بقوة، فقويت شوكة نظام الأسد الذي يحمي احتلال الجولان منذ أربعين سنة.