بسّام الطيارة
اليوم نحن أمام بربرية «داعش» و«النصرة» وكلا التنظيمان من نسل القاعدة، كما تطورت القاعدة تطورت البربرية: بعد العنف الإرهابي من تفجيرات وانتحاريين وقطع رؤوس ها نحن أمام بربرية «حارقة» صورها تدور حول العالم لتعلن ولادة بربرية جديدة إعلامية تغذي ما سيتبعها من بربرية متطورة.
يمكن تفهم أسى وألم عائلات الطيار الأردني وشعب الأردن وحكومة جلالته وهي تشاهد ابنها يتلوى تحت نيران البربرية. ولكن … هل الجواب يكون العين بالعين السن بالسن،. هل إعدام المحكوم عليهم يجب يكون خلال ٢٤ ساعة؟ حتى لو استوفت الإعدامات كل الشروط القانونية إلا أن قيامها مباشرة كرد على عمل بربري يدخل الحكومة الأردنية في سياق سباق بربري مع داعش.
اليوم لا يأتي خبرٌ من الشرق الأوسط إلا ويحمل بعضاً أو كثيراً من البربرية. هذا الشرق الأوسط الذي كان عزيزاً على قلب جورج بوش وكوندليزا رايس وجماعاتهما من محبي الديموقراطية وهواة تغيير الخرائط والتلاعب بالشعوب.
البربرية ليست فقط مسألة قتل وذبح ورصاصة في الرأس (واليوم) إحراق وبالأمس قذف من الطوابق العليا، البربرية يمكن أيضاً أن ترتدي رداءاً ديبلوماسياً أو سياسياً أو حتى … إنسانياً.
البربرية هي محو ما هو موجود ليحل محله ما هو مجهول فوضى تنتظر مرور الزمن ليعد التاريخ مساره.
في منطقة الشرق الأوسط وأواسط آسيا حيث تعم اليوم الفوضى مارس جنكيز خان وتيمورلنك وغيرهم البربرية في سابق غبارالتاريخ. في التريخ «شبه الحديث والحديث» مارست الديكاتوريات «نوعاً من الديكتاتورية المنضبطة» إذ أنها وضعت أنظمة تحاكي حياة طبيعية رغم كبت الحريات والفساد وعربدة رجالها. هذه الأنظمة كبتت الفوضى عن طريق كبت الحريات ومصادرة مستقبل شعوبها.
هذه الأنظمة حاربت الفوضى لأنها غير قادرة على إدارتها لمصلحتها ولضمان ديمومتها وسلطتها.
بعيداً عن نظريات المؤامرة وما شابه، «دولة واحدة» قادرة على ضبط الفوضى هذه الدولة ليست على عجل لوضع حد للبربرية التي تبثها الفوضى التي زرعت في الشرق الأوسط.
زراعة الفوضى ليست فقط عبر الحروب غير القانونية وليست فقط عبر دعم عدوانية اسرائيل والتصدي للقوانين الدولية، زراعة الفوضى تكون أيضاً بدعم ومساندة أنظمة فاسدة وديكتاتورية والتلاعب بها وضربها بعضها ببعض. زراعة الفوضى تكون أيضاً بتأجيج جروح المجموعات السكانية واللعب على تناقضاتها الدينية والاتنية والعشائرية والغرائزية… وكم هي متعددة هذه التناقضات في الشرق الأوسط.
حصل هذا مع القاعدة التي تربت في أحضان أجهزة الدولة الكبرى. القاعدة أوجدت لمحاربة الاتحاد السوفياتي قبل أن تعود هذه الدولة لمحاربة الشيطان الذي خرج من قمقم زراعتها. تماما كما حصل في السابق في أميركا اللاتينية حين انقلبت هذه الدولة لمحاربة ربيبتها الـ«كنتورا» الذي أوجدتها لمحاربة الأنظمة المعادية لها.
هذه الدولة هي أميركا بلا مواربة وبلا لف ودوران. والدول الموصوفة أعلاه هي حلفاءها و… أعدائها.