- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ديوان شجرة النارنج يلخص اللاجدوى

في ديوان (شجرة النارنج) تكتب الشاعرة العراقية ديمة ياسين نصوصا تنتصر فيها لروح الشعر الذي يلخص حالة اللا جدوى واللا يقين ولكن برهافة تتجاوز قتامة المشهد الحالي في البلاد.

وتنجو القصائد من الوقوع في فخ الميلودراما بل يصبح بعضها كأنه (هذيان) وهو عنوان قصيدة عن مصائر بعض ضحايا التعذيب وهم يراقبون مرور الوقت ويطاردهم شبح الماضي فيرون في جميع الناس مجرد “مخبرين”.

وتقول الشاعرة في القصيدة نفسها إن هذه الحالة تؤدي إلى “أن ندفن كل ما نعرفه ونمضي في الصباح‭‭ ‬‬-‭‭ ‬‬للمدارس والطريق والنشيد وشعارات نرددها بينما العلم يرفرف‭‭ ‬‬-‭‭ ‬‬أن نصدق أننا نؤمن بزهو العلم.. كل ما علينا فعله.. أن ندفن كل هذا.. ثم يأتي العصر لنغلق الباب علينا-ونهذي بالحقيقة”.

وديوان (شجرة النارنج) الذي أصدرته دار الأدهم للنشر والتوزيع في القاهرة مع انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي تختتم دورته السادسة والأربعون يوم الخميس القادم.

والديوان الذي يقع في 92 صفحة متوسطة القطع يضم نحو 20 قصيدة.

والحالة البينية التي لا هي حقيقة ولا هي حلم تسري في كثير من القصائد وأولها (نصف سراب) وفيها يكون الإيهام بنصف الأشياء في حين يبقى النصف الآخر مراوغا إذ “تظن الخليقة أن العاصفة آتية لا محالة-لكن الحقيقة هي أن السراب ما زال سرابا-ونحن ما زلنا لا نتقن سوى نصف طيران-ونصف دوران-ونصف عاصفة-ونصف عطش”.

وتأتي كلمة “نصف” في عنوان قصيدة أخرى هي (نصف ليل) عن علاقة النساء بالليل في “بلاد الليل فيها يكره النساء. بين المرأة والعتمة في بلادي.. نجمة-وآلاف الجدران… ربما كنت في حياة أخرى خفاشا – يحب أن يطير في السواد… ربما في حياة أخرى كنت وردة الليل… لكنني لم أعرف الليل من حيث أتيت – لم أر فيه كائنات تشبهني – ولم يدثرني ظلامه – خبرت نهاره وشمسه – لكنني لم أعرف ليله – فكيف لي إذا أن أعيش بذاكرة عن نصف يوم – ونصف حياة – ونصف وطن؟”.

ويغلب هذا اللحن على قصائد الديوان التي تتفاوت طولا وقصرا ومن أقصرها قصيدة (دوران) وتقول فيها..

“أكاد أرى استدارتها-نهاية الأفق وبداية الكون-أكاد أشعر كيف تدور بنا وندور معها وبها-نركض ظانين أننا نسابقها-فتسبقنا دون جهد وتضحك من سذاجتنا الأبدية”.

وأما (شجرة النارنج) التي جعلتها ديمة ياسين عنوانا للديون فهي نص يتغنى بسماء بغداد حين كانت “سماء عذراء تماما تهيم فيها أرواح البشر النيام” في حين ينشغل الصغار بعد الؤلؤ الفضي للنجوم.

وينتهي النص بهذه السطور.. تقول “أحلى ما في تلك الغرفة الرقيقة الجدران أن لا سقف لها. من قال إن علينا النوم تحت سقف؟ السقف في هذه الغرفة هو السماء. عندما كنت أنظر من فراش أمي وأبي إلى السماء أجدها محصورة في مربع جدران القماش تلك. فأعود راكضة إلى فراشي لأرى السماء كاملة بلا جدران ولا حدود”.