محمد زاوي*أعجبني ريتمه وخفة روحه لكن شيئا لم يعجبني وهو حديث منشط البرنامج وبعض المدعويين من الرجال خاصة اللذين راحوا يشتمون الشباب في الجزائر اللذين يحلقون رؤوسهم بأشكال جمالية مختلفة ، وقد اتفق الجميع في البرنامج، أي الذكور “مع سكوت النساء” اللواتي لم يعبرن عن معارضتهن ، على أنها « تحفيفة خارجة عن تقاليدنا وأصولنا الجزائرية »، و«أنه تقليد أعمى للغرب»، وفي رأي هؤلاء هي ظاهرة تنم عن إضطراب نفسي، وذهب
أحد الحاضرين للقول ، «إن دخل ابنه عليهم بهذه التحفيفة فإنه سيطرده من البيت».
لماذا هذا الرأي المستبد ؟! لماذا لا يتمتع جيل القرن ٢١ بقليل من الحرية حتى ولو في في تصفيفة شعره؟! هل يجب أن يكون الحميع قطيع غنم ؟ ولا توجد خرفان بلون مغاير؟! ..
أتذكر أننا في القرية كنا نحلق على طريق تسمى ببوقطاية وكان محل الحلاق أجمل مكان على الأرض، كنا نسمع فيه الأغاني الجميلة لفيروز و العنقى وصباح.
ما يقلقني بصراحة هو حينما توظف كلمات مثل « تقليد الغرب» و«التقليد الأعمى »، وهذه الكلمات يتبناها الكثير من المعلمين والأئمة في خطابات نارية أحياناً ، وكأن الغرب عند هؤلاء كتلة واحدة وشر مطلق، بينما وجه الغرب متعدد وتتعايش فيه الكثير من الثقافات بشتى أشكالها وجذورها ….
وهنا يخطر على بالي قصة والدي الذي جاءني في زيارة الى باريس منذ عشر ة أعوام. والذي يعرف والدي يعرف أنه رجل دين متمرس. وقد حملنا حينها قطاراً سريعاً إلى مدينة «أفيون». ومن بين ما أتذكره جيداً أن والدي تلفت الى هذا الدفء الذي يوجد في القطار وحالة الهدوء، وكيف أن لا أحد يزعج الفرنسيات الجالسات وأن كل الناس يشعرون بأمان !
منذ سفرة الشيخ والدي الى باريس أعتقد أن بعضاً من نظرته إلى الغرب قد تغيرت لأنه لامس الأشياء بعيونه …
ولذلك فإن كل اللذين يتحدثون عن « التقليد الأعمى للغرب » « والغرب الخليع » أرى أن خطابهم هو غير مؤسس وغير عقلاني ولا يستند إلى حقيقة لأن الغرب متعدد ، ثم أن الغرب ليس « ماخور »
حتى ينزل البعض وابل الشتائم بدون أي أدنى إحترام للإنسان وهناك من ينزل وابل الشتائم باستعمال أوصاف مثل الكفار وغيرها من الكلمات التي تؤكد أننا متخلفين ومتخلفين جداً حينما يكون تفكيرنا بهذه الصورة في علاقتنا بالآخر….
*صحفي ومخرج سينمائي جزائري حائز على جائزة مسقط الخنجر الذهبي للفيلم الوثائقي.