- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الحريري والمفتاح النووي

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

منذ عودة الرئيس سعد الحريري الثانية الى لبنان في الذكرى العاشرة لإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط  ، إستعادت الحركة السياسية اللبنانية بعضا من زخمها مع فتح أبواب الحوار والتواصل السياسي بهدف تحريك حالة الركود القائمة ، ومحاولة إيجاد المخارج لتسهيل آلية العمل الحكومي المعطلة نتيجة ضرورة التوافق لكافة الوزراء الأربع والعشرين من أجل إقرار أي مشروع يصدر عن الحكومة .
الرئيس الحريري الذي حرص على لقاء العماد ميشال عون في بيت الوسط ، بعد أن كان وفد من التيار الوطني الحر شارك في ذكرى الشهيد رفيق الحريري في البيال ، شكلت إستكمالا لعملية التواصل التي كانت بدأت في باريس من أجل البحث في الإستحقاقات اللبنانية وعلى رأسها ملف رئاسة الجمهورية . الحريري الذي حدد في خطابه الحوار كأحد الثوابت الأساسية رغم الخلاف في قضايا جوهرية وخاصة بالنسبة لحزب الله  ، إستكمل هذا التوجه بلقاءات عين التينة التي يرعاها الرئيس نبيه بري بين وفدي المستقبل وحزب الله وهي تعقد جلستها المقبلة في الثاني من آذار المقبل والتي ستطلق فيها مرحلة البحث في ملف الرئاسة .
كثيرة هي القراءات التي رأت في عودة الحريري محاولة لملء الفراغ القائم نتيجة غياب مشاريع التسوية وفي ظل الحرائق المشتعلة في المنطقة من سوريا الى العراق وصولا الى اليمن ومرورا بليبيا والبحرين ، وكثيرة هي التحاليل التي رأت في العودة محاولة لإستعادة الشارع السني المعتدل بعد موجة التطرف التي تجتاح المنطقة ومنها لبنان وبعد التغييرات التي حصلت في المملكة العربية السعودية بعد رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز ووصول الملك سلمان وولي العهد الأمير مقرن وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف ، إلا أن القراءة الواقعية لهذه العودة تشير الى ضرورة تخفيف الإحتقان الداخلي لا سيما بين السنة والشيعة والمحافظة على الحد الأدنى من الإستقرار في هذه المرحلة في إنتظار التسويات الكبرى والتي سيكون لبنان جزءا منها ، هي السبب الأساسي في إتخاذ الرئيس الحريري قرار العودة ، ولو لم تكن دائمة ، من أجل وضع الإستراتيجيّات التي تتناول الأولويات في الظروف الراهنة ، ومن هنا كانت لقاءات لكل الأطراف ولا سيما الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لترتيب الأوضاع وتمرير هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة على لبنان .
مما لا شك فيه أن عودة الحريري أشاعت جوا من الإرتياح في الداخل وفتحت المجال أمام طرح الأفكار ولو أن القضايا الأساسية لا تزال تحتاج الى توافق إقليمي ودولي ، ومما لا شك فيه أن الكلام الذي أطلقه الحريري لدى عودته حول الدعوة الى إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب والتي تم الرد  عليها بالترحيب من جانب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، قد خلقت نوعا من الأرضية المشتركة بعيدا عن النقاط الخلافية المتعلقة بالقتال في سوريا والسلاح في الداخل والمحكمة الدولية ، إلا أن الهاجس الأمني لا يزال قائما مع ورود تقارير عن محاولة زعزعة أمنية إن عبر الإغتيالات لإستهداف الحوار أو من خلال المعارك على الحدود في الجرود بعد ذوبان الثلوج .
صحيح أن عودة الرئيس سعد الحريري نجحت في تحضير الأجواء الداخلية ولو بحدها الأدنى من أجل التسوية في المرحلة المقبلة ، وصحيح أن الأطراف السياسية متجهة نحو التواصل واللقاءات لتذليل حالة القطيعة ، إلا أن الصحيح أيضاً أن المفتاح الأساسي،  وكما أشار الرئيس بري هو المفاوضات الإيرانية الأميركية والإيرانية السعودية التي وحدها تستطيع أن تضمن تسوية لبنانية شاملة وإنتخاب رئيس جديد للجمهورية،  كما تضمن بالتأكيد عودة الحريري الى السراي حاملا المفتاح النووي …