- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لسحب صور سليماني من فوق قبر صدام…قبل فوات الأوان

BT 2015نقطة على السطر

بسّام الطيارة

قيل ويقال إن تنامي النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن هو الذي يقلق العرب والدول الغربية.
قيل ويقال إن تنامي إن هذه مخاوف من تزايد هذا النفوذ مستقبلاً يغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط.
قيل ويقال إن هذا النفوذ يستعمل لتقوية الموقف التفاوضي لإيران خلال المحادثات التي تجريها مع الغرب بشأن برنامجها النووي.
ويبدو أن ما قيل ويقال هو الذي يقف وراء تمزيق المنطقة والحروب المشتعلة في عدد لا بأس به من الدول العربية وفيما تستعد هذه النار لتمتد لدول أخرى تعتقد أنها بمنأى عن هذه الحرائق…
ما زالت الدول العربية والشعوب العربية تعيش الهاجس الايراني عبر انفصام لا مثيل له. «شخصية الانسان العربي» منقسمة حول الدور الايراني شقين: شق قومي يرى في ايران دولة جارة لها بينها وبين الدول العربية تنافس «إقليمي طبيعي» حول المصالح الذاتية للدول. وشق مذهبي يرى في ايران الملجأ الشيعي الأخير في وجه المد السني السلفي المتعاظم.
هذا الانقسام كان موجوداً بصورة خفيفة ابان الحرب العراقية الايرانية التي دامت ثماني سنوات. ولكن كانت الكفة راجحة لصالح الشق القومي بعكس ما اعتقد الإمام الخميني آنذاك، فلم يتحرك شيعة العراق ضد دولتهم لا بل دفعوا الثمن الباهظ من المليون شهيد العراقي في هذه الحرب الذي زج العراق بها صدام حسين.
اليوم تنضم ايران إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي الذي تحت تسمية «دولة إسلامية» أنشأ «خلافة» لتأجيج الكفة المذهبية في حراكه الإرهابي. ويبدو أن مساهمة إيران العسكرية ستكون حاسمة لدحر داعش في «غرب العراق السني» خصوصاً وأن الغرب قرر عدم إرسال جنود إلى أرض المعركة.
ولكن هذا لا يمنع  العرب والغرب وخصوصاً أميركا من إعلان القلق من وجود مستشارين عسكريين إيرانيين إلى جانب القوات العراقية ومن جيش وميليشيات شيعية دخلت المعركة لاستعادة تكريت من تنظيم داعش. وهذه الميليشيات الشيعية المسلحة من قبل إيران تلعب دوراً رئيسياً في الهجوم على مدينة تكريت، وهو شيء جيد لولا أنها بتصرفاتها تعيد خطر النزاعات الطائفية بين السنة والشيعة مما يمكن أن يجعل أي انتصار على داعش بمثابة إعلان لحرب مذهبية جديدة في العراق.
هنا نوجه السؤال إلى إيران: ما هي ضرورة رفع أعلام مليشيات الحرس الثوري الإيراني وصور قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في تكريت على قبر صدام حسين؟
ما ظهر في الإعلام بعد أيام من دخول «القوات العراقية» إلى قرية العوجة مسقط رأس صدام يدل على أن إيران تكمل حرب السنوات الثمان وتريد أن تسجل نصراً على ما اعتبره الإمام الخميني «جرعة سم» بقبوله وقف إطلاق النار. ولكن قد يكون لهذا الانتصار طعماً أشد مرارة من السم.
نشرت وسائل إعلام إيرانية  صور سليماني وهو يشرف على المعارك الدائرة في محافظة صلاح الدين العراقية وبدى نشر هذه الصور وكأنها رسالة للعرب مفادها أن إيران سيطرت على العراق.
هنا يكمن خطأ إيران الاستراتيجي لأنها في ذلك تعطي حججاً لمن حاجج قبل سنوات ملوحاً بالخطر «الفارسي» وتربط الشق القومي العربي بالشق المذهبي السني، وهذا جل ما يريده السلفيون وهذا ما يمكن أن يفتح باباً كبيراً نحو حرب طويلة بين العرب وبين إيران وبين السنة وبين الشيعة وهو ما تريده اسرائيل ويريده أعداء المنطقة.
فأين ربح إيران من هذا السيناريو الكارثي على المنطقة.
نصيحة لإيران: يجب الإسراع بسحب الصور الشيعية وصور سليماني من سياق «مساعدتها العسكرية» للجيش العراقي حتى لا تحول انتصارها إلى بداية هزيمة للعراق ولإيران… وللمنطقة.