- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

اليمن: هبّة عربية ولكن…الشعوب ليست غبية

robertروبير بشعلاني
بمناسبة الهبّة العربية “الموحدة” بمواجهة ما جرى ويجري باليمن واتهام ايران بتنظيم هجوم شيعي يستهدف الأمن القومي السني، وبسبب غياب اي رد فعل شعبي معارض لهذه الهوجة، مال البعض الى إعطاء هذا السلوك الشعبي تفسيرات متسرعة وعاطفية. الناس اغبياء، او غرائزيين، او مضللين باعلام ذكي، أو يعيشون بالماضي ولم يحسموا صراعاتهم القديمة قدم الاسلام ، أو لم يشتغلوا على اسلامهم ليحرروه من الماضي ، الخ. الخ. بما ان الدول العربية التي تقود هذه الحملة اليوم تستعمل لغة طائفية ضد ايران والشيعة وتحاول ان تعبىء الناس على هذا الأساس فقد سهل هذا الاستعمال الاستنتاجات السهلة لجهة طائفية الصراع او لجهة السلوك العاطفي غير العقلاني للناس. بينما في الواقع وإذا ما تناولنا الامر بشكل مختلف لتوصلنا الى نتائج مناقضة تماما.
باعتقادي ان الشعوب تعرف مصلحتها جيدا. لنكن واقعيين. عندما تتبع الشعوب العربية عددا من القادة الاغبياء فانما تتبعهم ليس لان الشعوب غبية او مضللة بواسطة الاعلام المدفوع الأجر، بل لانها تخشى على مصالحها الحيوية وعلى حياتها المادية. ولا أظن ان التعبئة الطائفية هي التي تؤسس بالمجمل للمزاج الشعبي العام . ان الشعوب العربية التي تم حرمانها بالقوة الاستعمارية من اي اقتصاد منتج زراعي حرفي او صناعي لم تعد تعيش الا من خلال شريان واحد، هو شريان الريع النفطي الخليجي إجمالا. وهي تتبع حكام الخليج بسالفتهم الطائفية خشية من انقطاع الشريان الاقتصادي الأساسي في حياتهم المادية. عندما يقتنع العربي ان هذا النفط له ( نفط العرب للعرب) وان هناك وسائل اقتصادية اخرى يمكنها ان تؤمن عيشه وعيش ابنائه عندها وعندها فقط تضيق تأثيرات إعلام الخليج الطائفية وتكبر مساحة الدولة الموحدة المستقلة. هذا الوعد المنطقي هو المفقود اليوم. عندما طرحه عبد الناصر تبعته الناس لانها بالضبط عقلانية. ولأنها عقلانية لا تريد التخلي عن الريع من اجل لا شيء. الشعوب ليست غبية. ولا تجر ضد مصالحها كما يعتقد البعض. لكنها بانتظار المشروع-الوعد العقلاني. الجماهير بانتظار المشروع وقد اثبتت في اكثر من تاريخ ومناسبة انها لا تبخل بالعطاء والتضحية عندما تقتنع بمشروع يؤمن لها مصلحتها التاريخية.