- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سني شيعي: حرب طويلة مدمرة للأجيال المقبلة

BT 2015نقطة على السطر

بسّام الطيارة

تحول اليمن إلى أحدث ساحة لصراع إقليمي بالوكالة بين أكبر دولتين سنية وشيعية في الخليج وهو صراع يمكن اعتباره امتداد لصراعات سابقة في سوريا والعراق ولبنان.

بالأمس تحركت بعض القطع البحرية الإيرانية نحو خليج عدن وقبل اسبوعين انطلقت الطائرات السعودية لتقصف اليمن. ليس من الضروري أن يكون المرء خبيراً في الشؤون العسكرية والجيوستراتيجية حتى يخلص إلى القول بأن المنطقة دخلت في حرب مفتوحة ملونة تلوينا مذهبياً وأننا لسنا على عتبة مرحلة خفض الاحتقانات لا بل على العمس نحن والمنطقة العربية بأكملها في بداية مسار حرب إقليمية طويلة.

نعم الحرب على الأبواب وتجاوز الأمر مسألة دق الطبول وبتنا في مرحلة تموضع للتركيز على سير المعارك نظراً لسعة ساحة المعارك.

لا يمكن المراهنة على وقف إطلاق نار في اليمن، تماماً مثلما عجز الجميع طيلة ٤ سنوات وبضعة شهور على وقف الحرب المدمرة في سوريا وهي ساحتا المعارك التي تجاوز فيها الصراع خطوط السياسة ودخل حيز الدمار والتدمير. أما في العراق فإن المعركة التي كانت مستترة باتت مكشوفة بدخول قوات إيرانية لتتصدى إلى جانب الجيش العراقي وميليشيا شيعية للزحف الداعشي. ويمكن الآن بعد انطلاق معركة اليمن أن تتحول المعارك الدائرة في بلاد الرافدين إلى حرب أهلية تحاكي صراع أكبر دولتين الدولتين سنية وشيعية.

هذه المعركة هي «مخملية» حتى الآن  في لبنان وتدور على وقع أزمة سياسية ولكن من الصعب جداً التأكيد من أنها لن تتحول إلى حرب كما هو الحال في اليمن أو في العراق. وكذلك الأمر في البحرين.

والآن هل يمكن وضع تصنف للمتحاربين بين مؤيد لإيران ومؤيد للمملكة الوهابية؟ أياً كانت خزعبلات التصنيف فإننا سنجد أن المتحاربين يتجاوزون مسألة الحدود بين الدول ويصطفون بشكل مذهبي: الشيعي والسني. ولكن ليس كل الشيعة مع إيران وليس كل السنة مع السعودية، وهذا ما يزيد من وقود الحرب الأهلية التي تنتظر المنطقة. ذلك أن كل من إيران والسعودية أقحمت المذهبين في قالبين إيديولوجيين حسب خط يقسم البلدان العربية منذ عقود: خط التصدي للغرب وخط استيعاب الغرب.

وبالطبع يمر هذا الخط في المسألة المحورية الأولى في المنطقة: فلسطين. لا يجهل أحد بأن «معالجة وحل» المسألة الفلسطينية يخضع لتجاذبين متناقضين يمكن اختصارهما بعنوانين: مقاومة أو مفاوضة، مع العلم أن هذين المسلكان يقودان إلى نماذج تطور للمجتمعات العربية مختلفة تماماً.

لو بقيت الأمور على حالها ضمن هذين العنوانين من دون أي تلوين مذهبي لكان هذا «الصراع حول أفضل الطريق» للوصول إلى حقوق الشعب الفلسطيني وربطاً بذلك «صراع حول نموذج تطور البلدان العربية» تنافساً صحياً ومفيداً حتى وإن تطور نحو صراع دموي كما شهدت المنظمات الفلسطينية على مدى عقود.

أما تلوين هذا الصراع بصباغ مذهبي سني شيعي فهو لن يفيد أي من الإيديولوجيتين لا بل على العكس فهو يقود نحو الابتعاد عن أي إمكانية لتحصيل حقوق في فلسطين ويعيق بشكل رهيب أي تطور للمجتمعات المتحاربة ويبدد بثرواتها ويقود أجيالها الصاعدة نحو عدمية سلبية تكبلها لعقود طويلة.

هذا ما نحن نعيشه اليوم: حرب إقليمية طويلة.