- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فرصة العرب لو يعرفون

robertالتاريخ افق مفتوح دوما.

والمثقفون هم المبدعون لا المكررون، هم الذين يملكون القدرة على تصور  الجديد ورسمه واستشراف المستقبل من رحم الحاضر وتناقضاته.

الحاضر ليس أبديا ففي تناقضاته كل الأسرار.

وفي الحاضر قوى اجتماعية فائقة القوة في لحظة صعودها وفائقة الاهتزاز في  لحظة انسداد منظومتها البنيوية.
فلا تغرنا قوة الناهب الدولي فهو اليوم لم يعد يستطيع ان يردع من بعيد. وإذا تدخل ليس فقط لا ينتصر بل يزيد من مصاريفه واعبائه. ثلث ديون الولايات المتحدة العامة اليوم انبثقت من حربي العراق وافغانستان وحدهما.
طبعا هو ما يزال يملك المعرفة والقوة العسكرية كما شبكة المصالح الاقتصادية والمالية التي تشل الكون وهو  يلوح بها في كل حين. وهذه من طبيعة الصراع.
العالم اليوم يتحول. مراكز الإمبراطوريات تتغير بسرعة لم يكن احد من ” الواقعيين” يتوقعها. النظام الراسمالي الغربي نقل بيديه وبكل أريحية ، مدفوعا بمنطق السعي نحو الربح الأقصى، منطقه، نقل صناعته الى دول اخرى حيث اليد العاملة والمواد الأولية والعقارات أرخص ففقد مع هذه النقلة القدرة التي كانت له في انتاج القيم الجديدة . تلك القيم التي صارت بيد الدول الصناعية الجديدة حيث تعكس فوائضها هذه الحقيقة بوضوح.
الرأسمالية ليست كلها بمأزق كما يدعي بعض ” العلماء”. ابدا الرأسمالية المالية هي التي دخلت بمأزق تاريخي لا راد له.
العالم الراسمالي ينقل مراكزه من بلاد الى اخرى. وهذا الانتقال هو سمة العصر وهو الميل العام للتاريخ في هذه اللحظة.
في خضم هذا التناقض الجديد تنفتح آفاق لم تكن ممكنة قبل سنوات. فالعالم لم يعد مركزه حيث كان وكما يشرحه لنا ” الواقعي”. المركز في حالة انزياح وهذا الانزياح ليس من اختصاص اصحاب النظرة ” الابدية” الستاتيكية للواقع.
بالطبع يجر هذا التحول ذيولا على استقرار العالم وأمنه. بالطبع تكثر الحروب والفتن. لا احد يخسر بسهولة ولا احد ينتصر بالسهولة ذاتها.
وحدها الدول التي تكتشف نخبها تحت ضغط الحاجات والتحديات هذه الحقيقة، وتكون في حالة امتلاك العوامل الموضوعية من عدد سكان ومستوى علمي ورساميل ومواد أولية وغيرها، هي التي تستطيع اليوم ان تستعير طريق الاستقلال والتنمية.
لا ليس صحيحا ان الصين والدول الصاعدة تنخرط في العالم الاميركي او في ” الديمقراطية الوحيدة” بل الأصح ان الصين في طريقها لاحتلال مركز الولايات المتحدة في الرأسمالية الدولية. والأكثر صحة ان نقول ان الولايات المتحدة تصارع اليوم لكي تحافظ عبثا على مركزها الكوني.
ولا ليس صحيحا ان ايران باتفاقها النووي تنخرط بالنمط ” الدولي”، هذا تمني الاميركي طبعا، بل الأصح انها تنخرط بمشروع عدد من الدول الصاعدة التي بصعودها تصدع العالم القديم، ” الديمقراطية الوحيدة”.
كل نصر لطرف في هذا الصراع هو تراجع حتمي مساوٍ لتقدم الطرف الآخر في التناقض ، سيعود وينعكس تراجعا اكبر ذلك ان الدينامية التي يجد معسكر الرأسمالية المالية نفسه فيها لم تعد دينامية تاريخية. فكل عوامل إنتاجه قد فقدت مزاياها التفاضلية. معركة التنافسية خسرها هذا المعسكر الى غير رجعة.
هذه هي حركة التاريخ. حركة مستمرة لا ثبات فيها ولا حقائق نهائية ولا أبدية.