- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

معركة جسر الشغور تعلن فشلاً مسبقاً لـ جنيف ٣ وتنهي مهمة دي ميستورا

BT 2015نقطة على السطر

بسّام الطيارة

تعتبر سيطرة تحالف جبهة النصرة وبعض  الجماعات الإسلامية السورية على مدينة جسر الشغور ضربة نوعية كبرى تصيب النظام السوري للأهمية الاستراتيجية لتقاطع البلدة في محافظة إدلب بشمال غربي سوريا على مقربة من الحدود التركية وعلى مشارف الساحل السوري. وتشكّل هذه الخسارة نكسة شديدة وجديدة للنظام وللرئيس بشار الأسد الذي يرى المراقبون أن معاقله في الساحل السوري باتت في مرمى النيران خصوصاً وأن هذه المعركة حصلت في خضم التحضيرات لـ «لقاءات جنيف ٣»  التي يسعى لعقدها الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا. وبات من البديهي أن يتسائل المراقبون ما إذا كانت هذه المعركة في سياق «خربطة» جنيف ٣ أم هي مسعى لإفشال اللقاء أم لتقوية مواقف المعارضة حول طاولة المفاوضات الجديدة؟

للإجابة على هذا السؤال وجب الدخول في حثيات ما يحضره دي ميستورا، وبشكل خاص في تفاصيل «لائحة المدعويين». هل تتم دعوة المنتصر في معركة جسر الشغور مثلاً؟ والمنتصر هو «جيش الفتح» الذي تمت معركة حسر الشغور تحت رايته ويضم «جبهة النصرة» (القاعدة) وكتائب إسلامية أخرى هي حركة أحرار الشام وتنظيم جند الأقصى ولواء الحق وجيش السنة وفيلق الشام وأجناد الشام. هل يقبل تنظيم النصرة تحويل هذا الانتصار للمعارضة السورية «لسياسية» في الخارج؟ إذ من المستبعد أن تصل «بطاقة دعوة دي ميستورا» إلى هذه الجبهات المصنفة إسلامية وبشكل خاص إلى «جبهة النصرة» رغم كل محاولات تنظيف صيتها ونزع صفة انتماءها للقاعدة ودفعها للتصدي لـ«داعش» في بعض المناطق. من هنا يمكن القول إن حسابات القوى العسكرية في حقل القتال يمكن أن لا تتوافق وحسابات القوى السياسية في بيدر جنيف٣.

ولكن هذا لن يمنع القوى الإقليمية الفاعلة من استخدام «انتصار جسر الشغور» كورقة ضاغطة في المدينة السويسرية. كما أنه من المؤكد أن سلسلة الخسائر التي سجلت على حساب النظام من صبرى الشام ودرعا إلى إدلب مروراً بمخيم اليرموك وغوطة دمشق وحماة وصولاً إلى تخوم اللاذقية ستضعف مواقف الحكومة السورية والحليف الإيراني «المدعو هذه المرة».

بالطبع تم تمرير دعوة إيران من ضمن القوى الإقليمية مرور الكرام من دون أي معارضة من بقية الدول المؤثرة ولم يعلو صوت المملكة السعودية لمعارضة جلوس ممثل إيراني على ضفاف جنيف ٣  كما حصل في المرتين السابقتين. التفسير المنطقي يراه البعض بأنه نتيجة حتمية للاتفاق حول الاتفاق النووي الإيراني». إلا أن البعض الآخر يرى أن وجود إيران حول طاولة جنيف ٣ يأتي بعد «عاصفة الحزم في اليمن التي خلطت أوراق الصراعات في المنطقة» ومن هنا يبدو جنيف ٣ وكأنه «لقاء مصارحة حول كافة صراعات المنطقة» يجمع القطب الإيراني والقطب السعودي وحلفاء كل منهما تحت عيون المجتمع الدولي والقوى المؤثرة إقليميا ودوليا.

يقول علم التفاوض بإمكانية «الوصول إلى حل وسط حول طاولة مفاوضات أياً كانت العقبات إذا كان هدف المتفاوضين المجتمعين حول هذه الطاولة هو الوصول إلى حل». إلا أن لقاء جنيف ٣ (بخلاف لقاء  يالطا الشهير الذي جمع ثلاث قوى فقط) يجمع حول طاولته عدداً كبيراً جداً من القوى التي تحمل أهدافاً متناقضة بشكل كبير وتعكس خلافات عميقة (مذهبية وسياسية واقتصادية وعقائدية وجيواسراتيجية ونفطية) تجعل نتيجة هذا اللقاء تحت العنوان السوري لقاءاً فاشلاً قبل أن يلتئم، خصوصاً أن القوى التي ربحت المعارك الأخيرة أي الكتائب الإسلامية وبشكل خاص «جبهة النصرة» (ناهيك عن داعش) تبدو في غير وارد الانتهاء من القتال على الأرض. وقد يفسر هذا إعلان دي ميستورا أنه «يعطي نفسه حتى شهر حزيران» أي … بعد أسابيع قليلة وهي فترة ضرورية لضب أوراقه بعد فشل معلن مسبقاً لجنيف ٣.