- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

بوكو حرام أو تاريخ الأصولية الإسلاموية الساحلية

ouvrage_boko_haramنصيرة بلامين (خاص)

“بوكو حرام أو تاريخ الأصولية الإسلاموية الساحلية” هو آخر ما صدر لبولين قيبو عن دار النشر لارماتان الفرنسية, ومن خلال هذه الدراسة الجيوسياسية، قامت الكاتبة بتسليط الضوء على جماعة بوكو حرام الإرهابية وكذا مختلف الحركات الإسلاموية المتواجدة في نيجيريا وما يعقبها من رهانات إقليمية.

لقد أصبحت نيجيريا, هذا البلد العملاق في غرب إفريقيا، ضحية براثين أصولية إسلاموية زاحفة تهز كيان البلد بل حتى البلدان المجاورة.

وتأسست جماعة بوكو حرام على يد محمد يوسف في مايدوغوري بنيجيريا عام 2002, وهي متمركزة في الشمال وكان نشاطها في بداية الأمر يقتصر على السياسة الداخلية للبلاد إلا أن الأمر تعدى أكثر من ذلك بكثير. وكانت جماعة بوكو حرام تندد بقضايا الفساد المتورط فيها رجال السياسة والتوزيع غير العادل للثروات الطبيعية المتمركزة في الجنوب حيث تتواجد الأغلبية المسيحية. وذاع صيت الأصولية الإسلاموية لنيجيريا على الساحة الإعلامية الفرنسية في 2012 جراء سلسلة من الاختطافات والاعتداءات إزاء الجالية الفرنسية التي تعيش في نيجيريا.

ولازالت بوكو حرام تواصل حملتها الإرهابية والعدوانية في البلاد، كما وطدت علاقاتها مع جماعات أصولية أخرى كجماعة أنصار السنة السلفية ومنظمات إرهابية أخرى أمثال القاعدة في المغرب العربي الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، وتقوم الجماعة بالسيطرة على الرأي الغربي عن طريق نشر فيديوهات لرهائنها.

وكانت نيجيريا تجد دائما صعوبات في تسيير والسيطرة على الشمال الأقصى للبلاد هذا ما أتاح لمقاتلي بوكو حرام الاحتماء في الصومال إلى جانب صفوف حركة الشباب الإسلاموية كما كان عليه الحال في 2009 وكذا مشاركتها في حرب مالي سنة 2013 مع مقاتلي القاعدة في المغرب العربي الإسلامي ومع جماعات إسلاموية محلية أخرى.

ولفهم هذا الاختلال الجيوالسياسي الذي تعرفه نيجيريا اليوم يجب معرفة أنه على الصعيد الاقتصادي تعد نيجيريا أول منتج للبترول الخام في إفريقيا وهي مصنفة في المرتبة العاشرة للمنتجين للبترول عالميا كما أنها تمتلك حقول غاز ضخمة تستفيد منها أموالا هائلة، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد أساسا على المحروقات النيجيرية. وعليه فلنيجيريا وزن هائل في التجارة الدولية للمحروقات ومع هذا فإن الحكومة النيجيرية لم تتمكن من القضاء على الفقر المتفاقم يوما بعد يوم نتيجة قضايا الفساد المنتشرة وتهريب الأموال.

وعلى الصعيد الجيوسياسي نجد شروخات وهوات كبيرة في التطور الداخلي للبلاد والمتمثل في الانفصال بين الشمال والجنوب بحيث أن جنوب البلاد مندمج تماما في العولمة والتجارة العالمية عكس المنطقة الشمالية، زيادة على ذلك فإن الثروات الطبيعية من غاز وبترول متمركزة في الجنوب كما تعد الاستثمارات الغربية هناك عديدة وهذا ما جعل من الجنوب أكثر تقدما من الشمال.

من جهة أخرى نجد أن المنطقة الشمالية تقطنها الأغلبية المسلمة بينما يتمركز المسيحيون في الجنوب. وبالتالي تكون جماعة بوكو حرام نشأت سنة 2000 في إطار هذا السياق المشحون من الجانب الاقتصادي والاجتماعي وكذا النزاعات الإثنية والدينية والتي جعلت من الشريعة الإسلامية أساسا تسير بها الساحة السياسية في شمال البلاد عكس المسيحية النافذة في الجنوب. وطالبت بوكو حرام بتطبيق الشريعة الإسلامية وممارسة الإسلام الأصولي للقضاء على الظلم الاجتماعي التي تعاني منه المنطقة الشمالية. إلا أن سكان الجنوب يرفضون تماما مطالب بوكو حرام فأغلبيتهم هم من المسيحيين ولن يقبلوا بتطبيق الشريعة الإسلامية في كامل البلاد.

وتوالت نزوحات كثيرة في شمال البلاد منذ تصاعد العنف في جويلية 2009 حيث فر العديد من الأشخاص الأراضي في الشمال كما أصبح السكان المدنيون في نيجيريا ضحايا الهجمات الإرهابية لجماعة بوكو حرام وكذا القمع الأعمى الذي تقوم به الحكومة النيجيرية في شمال البلاد.