روبير بشعلانيما حصل في أدلب وجسر الشغور هو تحول كبير بالصراع في المنطقة لا في سوريا وحسب. أتصور ان جميع القوى المعنية تقوم الان بجردة حساب وجردة احتمالات تصرف جديدة. ما حصل يشير الى اقتناع الاميركي العجوز ان افضل ناطور له بالمنطقة في المرحلة المقبلة هو الاخوان المسلمون بالطربوش العثماني القديم. يعني اعادة تجميع ولصق ما جزأته فرنسا وبريطانيا في بداية القرن الماضي. الامبراطورية العثمانية بلاء يوم جرى تفتيتها وبلاء اليوم ايضا حين يجري اعادة توحيدها. يوم فتتت الامبراطورية كان بهدف الهيمنة الاستعمارية وتسهيل سيطرتها. اما اعادة توحيدها فهي للاهداف ذاتها. تغير السيد فقط. عقد اردوغان التاريخية من العرب لن تجعله سيدا هذه المرة بل عبدا عند الاميركي. الاذعان السعودي للمشروع التركي-القطري يدل على ان الاميركي فرك آذان كثيرة هنا وهناك لكي “يوحد” المتناقضات المحلية. اضطرار الغرب لدعم وتسليح بعبع القاعدة وبناتها علنا، بعد ان حاول إقناع الكون بقيامه بحرب “ضد الاٍرهاب”، مؤشر آخر على عزم الاميركي وتصميمه النهائي على تكليف التركي بنطارة المنطقة. اما دخول الاسرائيلي على الخط لدعم قوى هذا المشروع على الارض فلم يكن الا من باب تأكيد المؤكد. فهي ببساطة تقوم بدورها الوظيفي في حماية مصالح الناهب وردع من لا يريد ان يذعن. أدوات الناهب الدولي تتحرك بكامل طاقاتها وبوجهة واحدة. بالطبع ليس التركي صاحب تراث الدولة العريقة من أذعن ل”المشروع السعودي” بالمنطقة، بل العكس هو ما حصل. ال سعود مشيخة لا تملك من تراث الدولة والمشاريع الكبرى شيئا. ولا يمكن الاميركي ان يكلف نفسا الا وسعها. من هنا ربما كلام التهديد الذي أطلقه اوباما ضد آل سعود حول الخطر الداخلي الذي يتهددهم. على أي حال معركة جسر الشغور اعادت فتح جروح قوى كثيرة بالمنطقة عانت من المشروع الاخواني على رأسها الجيش المصري مثلا. صراع الجيش المصري مع الاخوان وجودي فهل سيقبل بالإذعان لهم مرة جديدة؟ شهية اردوغان لعودة الامبراطورية وتحولها مع الدعم الاميركي الى مشروع ممكن وقريب سيثير رعب ورفض عدد كبير من القوى المحلية والدول الإقليمية التي اعتادت تاريخيا ان تكون في صف معاد او منافس للباب العالي. حماوة التنافس الاقتصادي وغير الاقتصادي بين الدول الكبرى على الصعيد العالمي لن تسمح للدول الصاعدة بأن تمرر هذا المشروع الذي سيحرمها من سوق كبرى تحتكرها أميركا وحسب. جسر الشغور فتح ملف الشغور بمركز الرأسمالية العالمية واغلب الظن انه لن يغلق قبل رسو الكون على نظام جديد. ان الذين ظنوا ان معركة الشمال السوري ستكون مدخلا للتركي لكي يزيل حجرة الأسد من طريقه سيفهمون قريبا ان أحجارا اخرى وصخورا كبرى ستظهر بالطريق الى هذه الجنة الموعودة.
Fin de la conversation