- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

أوكرانيا: استيقاظ أمة

نصيرة بلامين

ukraine_reveil_nationأصدرت دار النشر الفرنسية “ليبوتي ماتان” كتاب “أوكرانيا، استيقاظ أمة” لألان قيمول، وعمل ألان قيمول مراسلا لوكالة الأنباء الفرنسية أ.ف.ب في أوكرانيا وهو مختص في مسائل وقضايا أوروبا الوسطى والشرقية قبل أن يلتحق بجريدة “لاكروا” ويهتم بالشؤون الاقتصادية.

ومن خلال هذا الكتاب، حاول ألان قيمول توضيح الأحداث التي شهدتها أوكرانيا في الآونة الأخيرة وفهم جذور النزاع في هذا البلد وشرح العواقب المترتبة جراء ذلك.

لقد اندلعت الحرب في أوكرانيا في 2014، ويجهل لحد الآن إلى أين تصل، وكانت بداية هذا النزاع في كييف إثر المواجهات التي ظهرت بعد الانقلاب على الرئيس الأوكراني فيكتور إينوكوفيتش في 21 فيفري وامتدت لتصل إلى شرق البلاد بين مدينتي دونيتسك ولوهانسك. الآلاف من المدنيين راحوا ضحية هذه الحرب وسقطوا على يد مليشيات انفصالية تدعمها روسيا وتحارب الجيش الأوكراني.

وأعقب هذا النزاع في شهر مارس ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وتعتبر المرة الأولى منذ نشأة الأمم المتحدة سنة 1945 لبلد كونه عضوا دائما في مجلس الأمن يقوم بتغيير حدود خريطة بلاده وذلك بالسطو على أراضي بلد مجاور. فعل روسيا هذا أثار غضب الرأي العام وخلق خللا في نظام العلاقات الدولية المتواجد منذ قيام الحرب العالمية الثانية مما أدى إلى فرض عقوبات على روسيا لكن مع ذلك بقي فلاديمير بوتين محتفظا بقراراته ولم يغير منها شيئا.

وتأتي هذه الحرب في أوكرانيا كنتيجة عوامل عديدة أولاها تطلع أوكرانيا إلى الديمقراطية وهو شعور كان يختالها منذ استقلال البلاد سنة 1991. لقد أتى جيل جديد يجهل تماما نظام الإتحاد السوفياتي سابقا واكتشفوا أنهم أوروبيون وهم بالتالي يودون العيش في بلد تسوده الشفافية والحرية الفردية والعدالة. وكان الشباب وفي طليعتهم الطلبة في الصفوف الأولى في المظاهرات التي أدت إلى خلع الرئيس فيكتور إينوكوفيتش.

في الوقت ذاته، قام في روسيا نظام شمولي يحاول يوما بعد يوم إقامة إمبراطورية أوراسية إلا أن معظم الأوكرانيين أداروا ظهورهم لهذا المشروع الذي تطلع إليه روسيا. فالأوكرانيون يريدون إثبات وجودهم كبلد حر أمام روسيا التي تريد طعن حقهم هذا، وكان على الأوكرانيين الاحتماء تحت الراية الزرقاء والصفراء الأوكرانية والمطالبة بمكانتهم على خريطة أوروبا. ويعتبر الأوكرانيون أقدم سكان أوروبا رغم الاستقلال الحديث لبلادهم، لقد عاشوا طويلا منفصلين وتغيرت مرارا حدود البلاد ولذا كانت هويتهم متعددة فإذا كان الأوكرانيون يشعرون بانتمائهم إلى بلد واحد إلى أنهم لا يتفقون في تطبيق نفس المشروع وهذا راجع إلى طبيعة انتماءهم الجغرافي إذ نجد مثلا اختلافا كبيرا بين المناطق الشرقية والغربية لأوكرانيا.

وأتاحت هذه الوضعية للعديد من الدول التحدث باسم الأوكرانيين ولذا لازالت روسيا تواصل تنكرها للهوية الأوكرانية فهي تعتبر جميع الأوكرانيين روسيين وأن تاريخهم إنما هو امتداد لتاريخ روسيا ومع ذلك شرعت أوكرانيا في كتابة تاريخها وملأ الفراغات في صفحات التاريخ حيث تتخللها نقاط سوداء فلغاية 1991 كان الحديث عن تاريخ أوكرانيا محظورا.

وشكلت ثورة 2014 فرصة للأوكرانيين للالتفاف حول مشروع وطني والذود عن مصير واحد والالتحام بأمة أوكرانية.

وبدت مبادرات فلاديمير بوتين في إسقاط المشروع الوطني بالفشل إلا أن هذه الحرب يمكن أن تدفع بالأوكرانيين إلى الارتماء بين أحضان الحلف الأطلسي في حين أن معظمهم كانوا يعارضون ذلك قبل بداية النزاع.