- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

كلينتون… وطريق الدولتين

فادي أبو سعدى

ليس مستغرباً أن تسمع تصريحاً من شقراء البيت الأبيض، هيلاري كلينتون، يقول إن طريق الدولتين يمر عبر “رام الله والقدس، وليس عبر نيويورك”، لكن الغريب أن كلينتون لم تراجع التاريخ جيداً لتعرف أننا استثمرنا في السلام عبر المفاوضات العبثية قرابة العقدين من الزمان دون جدوى، والأكثر غرابة بل واستهجان بأنه تتحدث عن الدولتين بينما تتناسى بأن القدس ورام الله هي مدن فلسطينية بامتياز.

نعلم بأن الفيتو الأميركي في الانتظار، ونعلم أن الطريق إلى الحرية طويل، وباهظ الثمن، لكن كان من الأجدى لهم لو تعلموا بعض الدروس من “الربيع العربي” الذي يعصف بالمنطقة، بدلاً من إعطاء الدروس عن الطريق إلى الدولة الفلسطينية، التي نعيش فيها نحن، حتى قبل اكتشاف الولايات المتحدة الأميركية برمتها.

ونعلم أيضاً بأن اللوبي الصهيوني هو الذي يحكم أميركا وسياستها، وليس أوباما ولا كلينتون، لكنهم ورغم ذلك يصرون على لعب دور المحامي في كل ما يتعلق بإسرائيل، وآخر مثال على ذلك، ما قاله البيت الأبيض عن عدم استطاعة الرئيس الأميركي أوباما الخلود إلى النوم قبل تأكده من مغادرة سفير إسرائيل من القاهرة عقب الهجوم الذي تعرضت له السفارة من المصريين.

رغم النكبة، قبل ستة عقود خلت، استطعنا الوقوف مجدداً والمقاومة، وبعد النكسة واصلنا الطريق إلى الأمام، ورغم كل ما عصف بنا، انتفضنا مرتين في وجه أطول احتلال في التاريخ المعاصر، فلماذا يخافون من دبلوماسيتنا ووصولنا إلى نيويورك لا نحمل سوى الأوراق، وحق نطالب به، لن يضيع أبد الدهر!

لماذا يصرون على مرور طريق الدولتين في القدس ورام الله، منذ عشرين عاماً، بينما طريق جنوب السودان مرت خلال أيام فقط؟ ولماذا يفرض علينا دائماً ما يريدون هم؟ أو لأننا قررنا أن نفعل ما نريد للمرة الأولى! أم أنه ما يسمح للآخرين يمنع علينا؟

لقد تعبنا حتى الحديث عن ازدواجية المعايير الممارسة بحقنا، من قبل الجميع على حد سواء، فلا كلينتون ولا غيرها ممن يدعون معرفتهم بطريق الدولتين، يعلمون طريق الحرية، والخلاص من الاحتلال، فهم لا يزالون يتباكون على أطلال أبراج التجارة العالمية منذ عشرة أعوام، متناسين ستين عاماً لغيرهم، معتقدين بأننا لسنا بشراً، ولا نستحق الحياة التي نريد.

على أميركا أن تأخذ العبر مما جرى بين إسرائيل وتركيا، وحتى ما حدث في القاهرة، أما الافتراض بأن شيئاً لن يتغير فهو أمر غير صائب بالمطلق، وكفوا عن مناورات اللحظة الأخيرة، لأن عليكم أن تعلموا بأنكم وقبل أن تقدموا لنا أية صيغ جديدة لثنينا عن الذهاب إلى نيويورك، عليكم التأكد من قبول إسرائيل لما تحملون، لأننا لم ولن نكن المشكلة، بل نحن الحل!

صحافي ومدّون فلسطيني ــ رام الله