- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

شوقي شمعون في باريس: حجم الكائنات البشرية في هذا الكون الكبير

29_548_b_02باريس – بسّام الطيارة (خاص)

شوقي شمعون الأسم الأكثر حضوراً في المزادات العالمية والغاليريات العالمية، يعلق عدداً من لوحاته في باريس في غاليري «مارك هاشم» تحت قناطر  ساحة دي فوج الشهيرة،

ندخل إلى الغاليري فنجد أكثر من شوقي شمعون واحد…كل لوحة تعبر عن فنان مختلف. ننظر إلى سنوات الأشغال فنرها تكر من ٢٠٠٧ إلى ٢٠١٥ جديد الجديد. هل هو فنان واحد ينتقل من حقبة إلى أخرى؟ نسأل «المعلم شوقي». يجيب مبتسماً «أنا أجدد نفسي من نفسي…» يشرح «أتأثر بما قمت به في مرحلة لأقفز إلى مرحلة جديدة».

حقاً ما يقوله الفنان. استطاعت كاميرا المصور التقاط «زاوية» في الغاليري فإذا في شباكها ثلاثة أعمال لثلاث حقبات مختلفة تشير إلى ثلاثة فنانين أو أكثر اجتمعوا في يد الفنان شوقي شمعون.

IMG_7674نسأله عن هذا التجدد المسكوب في قالب واحد لمسيرته. يقول «”انا ابحث دائما عن معانٍ فنية جديدة في ما أرسمه» يشرح «إن اسلوباً واحداً لن يعبر عن مكنونات فني» يتابع بعد ابتسامة جميلة لحضور كثيف في الغاليري،،،«أنا أبني وأرسم الجديد مستنداً إلى ما فعلته سابقا».

نترك الفنام قليلاً محاطاً بالمعجبين والزائرين. الجمع كثيف ولكن كثافة المجموعات البشرية على اللوحات تنافس مجموعة الزائرين. نسأل «المعلم شوقي»: من هم هؤلاء؟ ونشير إلى مجموعات بشرية و،كائنات صغيرة اصطفت في أسفل معظم اللوحات. يبتسم الفنان «هم نحن»… يبتسم مرة ثانية «نحن صغار في هذا الكون الكبير».29_550_b_05

نستدير نحو لوحات غابت عنها هذه الكائنات. نسأل: متى بدأت تظهر هذه الكائنات؟ يبتسم وينظر إلى أقرب اللوحات كأنه يسأل هذه الجموع «في بداية التسعينات» يقولها بلغة أميركية خالصة (Nineties). أميركا وأرضها الواسعة  حيث عاش لسنوات طويلة بين دراسة وتعليق لوحات في أشهر الغاليريات تبرز كثيراً في لوحات كبيرة (٦ أمتار في ٦ أمتار) غائبة وللأسف (ولكنها كانت حاضرة في بيال بيروت مثلاً) ولكنها حاضرة في البعد العميق للوحات. ناطحات سحاب نيويورك غائبة ولكن حل محلها … جبل صنين… أبيض شامخ.

لا إشارة البتة لصنين الجبل اللبناني ولكن من دون أي إشارة فهو موجود في هذا الأكريليرك المتموج بين بياض ناصع خطوط زرقاء واهية تشير إلى السماء المتقطعة على جسد صنين تنظر إليها كائنات حية صغيرة اصطفت في الأفق… عفواً إن الأفق الفني لدى شوقي شمعون هو … في أسفل اللوحة. كل الكائنات البشرية الصغيرة تنظر إلى … أعلى تقف على سفح الجبل صغيرة أقرب إلى العدم. تصطف ملونة مليئة بالحياة ولكنها صغيرة عاجزة أما جمال اللون الأبيض المتموج.

هذه اللوحات البيضاء هي قصائد منحوتة خطتها ريشة المعلم شمعون … كائنات بشرية صغيرة تقف مشدودة أمام الجبل الأبيض. ولكنها تنتقل تحت المربع الأحمر الصافي الممسوح. هل هو دم البشرية والكائنات تقف في «الأفق الأسفل» تنظر إلى مكوناتها؟ يصعب سؤال الفنان الذي يبتسم دائما ما إذا كان هذا اللون الأحمر هو دم البشرية في تركيب لواقع محيط بنا وتشكيل جديد فيه من الإلتباس ما تخفق له القلوب. إنه تجريد الواقع من الألم وتفخ الأمل في الكائنات البشرية الصغيرة.29_553_b_08

29_568_b_23عندما ينتقل اللون من الأحمر إلى «أصفر الصحراء» تنتقل معه الكائنات البشرية لتصطف في خط الأفق الأسفل، تنظر إلى أعلى، تتابع تموجات الأكريليك اللين واللزج في رمال تبدو في صحراء بعيدة وقريبة في آن واحد وتنتظر… ماذا تنتظر؟ لعله الأمل. التلاعب في الأبعاد قمة فن شوقي شمعون. «الضد يظهر حسنه الضد» فليكن: الكائنات الصغيرة تسلط عبر حجمها المتواضع الضوء على ضخامة جبل صنين وعلى وسع الصحراء وعلى كثافة دماء البشرية وعلى حجم كل الكتابات في هذا الكون.

إنها الرسالة التي يبدو أن «المعلم شوقي» انكب على نحتها رسماً من عقود بإيقاعات تطورت في مراحل عدة تتابعت لتشكل لوحات متشابكة ذات قراءات شعرية متماسكة. إن تعليق أعمال شوقي شمعون في باريس في هذا الساحة بشكل خاص تحت هذه القناطر حيث تتابع الغاليريات الشهيرة، حيث يعبر يومياً مئات من «العارفين بالفن» من الشغوفين بالأعمال الجميلة سيكون تحد لكل هؤلاء هواة أم محترفين لأن هذه الأعمال تسأل المتحلق حولها عن… حجمه في هذا الكون تماما كما قال لنا الفنان.

Galerie m a r k  h a c h e m
28, Place des Vosges. 75003 Paris