- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

استحقاق أيلول:… وكأن شيئاً لم يكن!

بسام الطيارة

بسام الطيارة

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

قبل أيام من الذكرى الثامنة عشر لتوقيع اتفاق أوسلو والمصافحة التي أعقبته في باحة البيت الأبيض، يستعد الفلسطينيون للعودة إلى أمام الأمم المتحدة  “وكأن شيئاً لم يكن”،  فهم لم يحصلوا على دولتهم لا بل تراجعت مساحة الأراضي التي يمكن أن يبنوا عليها دولة وبات حائط يحيط بالمتبقى منها في الضفة وحصار مطبق يخنق غزة وسكانها.

يلوح محمود عباس بمسألة التوجه إلى الأمم المتحدة وكأنه سلاح ردع شامل يمكن أن يقضي ليس على إسرائيل فقط، بل على أميركا أيضاً. يراقب حكام إسرائيل هذه الكوميديا المبكية ويضحكون في عبهم، ولكنهم يمثلون دور الخائف من هذا السلاح الوهمي لا بل يستعملون هذا البعبع المضحك للتشدد في مواقفهم وأخذ المزيد من الأراضي.

ماذا يمكن أن يحصل عباس من الأمم المتحدة؟ يقول هو ومحيطه وأصحاب النيات الطيبة بأنه سوف يكون “نصر معنوي”، ولكن المسألة الفلسطينية بحاجة لنصر معنوي أم لأرض حرّة؟ هل توجد أي حاجة لإقناع العالم بالحق الفلسطيني؟

ثم إذا دخلنا في التفاصيل فإن القرار ١٨١ الصادر في ٢٩ تشرين الثاني/نوفمبر ١٩٤٧ والمعروف بـ “قرار تقسيم فلسطين” يعترف بدولتين. وقد قبله ما كان يسمى بالكيان اليهودي وبات دولة إسرائيل ورفضه العرب، ولكن هذا لا يغير قيمة القرار الذي اعترف بكيانين. فلماذا يذهب ليعيد تسخين أطباق قديمة؟ لماذا لا يقول عباس أريد تطبيقا “حرفيا”  للقرار العتيد؟ علماً بأن هذا القرار أعطى ٥٥ في المئة من فلسطين التاريخية للعرب وما تبقى لليهود. لو كانت المطالبة بتطبيق قرارات الشرعية الدولية بدءاً من القرار المذكور… عندها يمكن القول إن عباس يهدد اسرائيل بنزع ٧٠ في المئة من مساحة أراضيها الحالية… عندها يفضح ما يغيبه الإعلام بسبب مرور الزمن، وهو أن إسرائيل منذ ١٩٤٧ لم تتوقف عن التوسع على حساب الفلسطينين وعلى حساب جيرانها… ليست خدمة للسلام الذهاب إلى الأمم المتحدة للمطالبة بمقعد أقرته تلك الجمعية سابقاً… بل هو خدمة كبيرة لإسرائيل لأنه يكرس “مبدأ احتلال الأراض بالقوة”.

تبدو خطوة عباس كخطوات عربية سابقة صبغتها سمة “الجهل بالتاريخ وبالقوانين الدولية”. المطالبة عام ١٩٦٧ بتنفيذ القرار ٢٤٢ كان يعني الاعتراف بضياع الحقوق التي حملها القرار ١٨١، وتوقيع اتفاق أوسلو أفاد التخلي عما حمله القرار ٢٤٢. عن ماذا سوف يتخلى القرار الجديد الذي يحمله عباس معه إلى جانب كرسي أزرق يدور حول العالم؟

وقع عباس في فخ “التواصل والإعلام”. وبات يعتبر أن إبراز كرسي أزرق وإرسال صوره إلى الوسائل الإعلامية كفيل بتغيير انحياز العالم الغربي للقضية الفلسطينية وإعطائه بعض الفتات من الأراضي المتبقية. وحدهم حكام اسرائيل يفهمون عقم هذا “اللعب الإعلامي”  ويبدون متخوفين منه إلا أن الغبطة تعتمر نفوسهم. الغبطة من هذا الهوس الأعمى لدى العرب في إضاعة الوقت.

نصيحة لمحمود عباس: لم تعد توجد مساحات أرض للتصدق بها على الفلسطينين، كن مع الحداثة وطالب بما يفهمه الغرب، طالب بوطن واحد لليهود وللعرب مسلمين ومسيحيين. هذا يمكن أن يفهمه الغرب وهذا ما يخيف حقيقة إسرائيل.