- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الرباط وباريس: تغاضي عن مسألة حقوق الانسان مقابل الامن والاقتصاد

Olfa boomألفة قدارة

يبدو أن  صفحة الخلاف بين الرباط وباريس قد طويت تماما بانعقاد الدورة الثانية عشرة للمؤتمر الفرنسي المغربي .
يذكر أن العلاقات المغربية الفرنسية  شهدت في الآونة الاخيرة توترا سببه دعاوى رفعها معارضون مغاربة   في فرنسا ضد مسؤولين اتهموا بالتعذيب ، واحتجاجات بسبب ما يقع من انتهاك لحقوق الانسان .
فلقد طلب قاض فرنسي مثول عبد اللطيف حمودي مسؤول جهاز الاستخبارات المغربي أمام القضاء  إثر رفع دعوى ضده بتهمة التعذيب، فكان رد الجانب المغربي تعليق التعاون القضائي الثنائي.
رئيس الوزراء المغربي عبد الاله بن كيران صرح إثر لقائه بهولاند ” لقد مضت سنة صعبة قليلا ، لكن تجاوزناها، والآن تعود الأمور إلى ما كانت عليه .”
اليوم عاد الوئام والهدوء الى العلاقات بين البلدين ، ومهدت زيارة الملك المغربي محمد السادس لذلك . ففي البيان الختامي الصادر عن الزعيمين  أثناء زيارته الاخيرة إلى فرنسا ، إشارة إلى دفع ” الشراكة الاستراتيجية الحيوية ” التي تربط باريس والرباط .
لكن ما مستقبل هذه العلاقات ؟  وأيهما أكثر حاجة للاخر وارتباطا  به ؟
إن التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب من أبرز ما تطرقت إليه المباحثات بين البلدين سواء في زيارة الملك او زيارة بن كيران الى الاليزيه . إضافة الى تطوير   العلاقات الاقتصادية  والثقافية ومراجعة المنظومة القضائية ومجالات التعاون الأمني .
ففرنسا أعادت بعد أحداث شارلي إيبدو ترتيب الأوراق ، وبحثت عن حلفاء يساعدونها استخباراتيا لمجابهة الاٍرهاب .وبدون  تنسيق مع بلدان جنوب حوض البحر المتوسط لن تتمكن من صد الخطر الإرهابي الذي يجتاح العالم أجمع. ثم إن لفرنسا  مصالح في منطقة الصحراء والساحل ، والحفاظ على جودة العلاقات بين البلدين ، اكبر راع للمصالح الاقتصادية  الفرنسية في المغرب .
هكذا إذن انتصرت المصالح الاقتصادية والأمنية على الازمة التي عصفت بالعلاقات بين البلدين .وانتصرت قواعد اللعبة السياسية والعلاقات الدولية والجيوستراتيجية على مسالة حقوق الانسان .
لعل واقعية الطرفين فرضت على الجانب الفرنسي التغاضي عن مسألة حقوق الانسان في الفترة الراهنة .فالامن والاقتصاد هما الاولوية الان أما ما يحصل في بحيرة المتوسط أو في منطقة الساحل فيمكن إرجاؤها إلى وقت لاحق .
هذا التقارب يخيف كثيرا من الحقوقيين . فهم يَرَوْن أن المعاهدة القضائية التي يدرسها البرلمان الفرنسي الان قد تمنع المتضررين من ملاحقة المشتكى بهم على الاراضي الفرنسية . و نظرا لانعدام ثقتهم في القضاء المغربي ، لن تحل إشكالية القضاء المغربي داخل حدود المغرب ، لانه قضاء يعاني من تدخل أطراف من خارج المؤسسة القضائية .
ويرى المعارضون أن حكومة لا  تتحمل تظاهر أربعة أشخاص  ضدها ، هل هي قادرة على  الرفع  من سقف الحريات واحترام حقوق الانسان وتوفير قضاء نزيه يحاكم المتهمين محاكمة عادلة .
ويضيف بعض الحقوقيين أن القضاء المغربي  بمصادقته على قانون الاٍرهاب بدأ التضييق على الحريات باسم مكافحة الاٍرهاب .
إن التقارب الفرنسي المغربي أو المصالحة  بين الجانبين ، تعد نقلة نوعية في العلاقات لكنها تكشف عن المقاربة الحقوقية للبلدين كذلك . مقاربة تكرس الافلات من العقاب لان المصالح الاقتصادية والأمنية تفرض هذين المبحثين كأولوية في الفترة الراهنة .
ولا يجب أن يفوتنا أن نشير إلى أن اشكالية حقوق الانسان تهم كل الأنظمة  لا المغرب فحسب بما في ذلك الدول الأوروبية وفرنسا نفسها . يكفي الاطلاع على ما تنشره المنظمات الحقوقية من تقارير سنوية لنقف على مدى التجاوزات في هذا المجال .