تقول الممثلة السورية فدوى سليمان، التي باتت تتصدر مشهد التظاهرات المناهضة للنظام في مدينة حمص، إن ما جذبها للعمل الدرامي هو ما يمنحه اياها من “حرية موعودة”. وبعدما تبددت أوهامها بفعل سيطرة الدولة على المسرح والسينما، شاركت فدوى في الاحتجاجات التي اندلعت العام الماضي ضد الرئيس السوري بشار الاسد.
وقصت فدوى شعرها مثل الرجال وتتنقل من منزل لآخر لتفادي اعتقالها وأضحت من أكثر وجوه الانتفاضة شهرة. لم تشارك فدوى في التظاهرات في بدايتها في آذار/ مارس، لكن روح التمرد الكامنة بداخلها والتي اذكاها انضمامها للمعهد العالي للفنون المسرحية دفعتها للمشاركة في الاحتجاجات.
وقالت فدوى، في مقابلة مع “رويترز” من خلال سكايب على شبكة الانترنت، “دخلت إلى المسرح على أساس انه يقود للتغيير. الثقافة هي حرية التعبير والتفكير”. وعن فترة دراستها في المعهد الذي يخضع لسيطرة الدولة مثل معظم المحافل الثقافية في البلاد تقول “اكتشفت انه لا يوجد حرية تفكير ولا تغيير ولا يوجد مسرح… هذا البلد يريد ان يفرغنا من محتوانا. كل المؤسسات تحت يد الأمن”.
وتضيف فدوى “كنت معترضة على اسلوب العمل والاذلال الثقافي والسرقة والاقصاء الانساني والفكري. كل مكان تذهب له تخشى على نفسك وكأنك داخل في فرع امن حتى وانت ذاهب إلى شركة فنية”. وتابعت “حتى النص الاذاعي المنحط يستعملونه لان كاتبه له صلة بالامن”.
وقبل الانتفاضة اشتهرت فدوى بأدوارها في التلفزيون والاذاعة والسينما والمسرح، ومثلت دور مدرسة تربية فنية في دار ايتام في مسلسل “قلوب صغيرة”، وهو مسلسل ساهم في زيادة التوعية بالاتجار في الاعضاء البشرية واذيع في عدة قنوات تلفزيونية عربية.
وشاركت فدوى في عرض بمسرح القباني في دمشق مأخوذ عن مسرحية هنريك ابسن “بيت الدمية”. وحين اندلعت الانتفاضة اضحت فدوى، وهي في الثلاثينات من عمرها، أكثر نشاطاً مع احتشاد النخبة المثقفة لدعم الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية.
وشاركت في احتجاجات تطالب برحيل الاسد ووقفت على منصة إلى جانب لاعب كرة القدم المعروف عبد الباسط ساروت الذي ساند الانتفاضة. وألقت فدوى مونولوجات تلهب الحماسة أمام عدسات الكاميرا تدعو لاستمرار التظاهرات السلمية في أرجاء سوريا حتى يرحل الاسد. وفي احدى الرسائل المصورة في تشرين الثاني/ نوفمبر، ذكرت ان قوات الامن السورية تمشط احياء حمص بحثاً عنها وتضرب المواطنين لارغامهم على الكشف عن مخبئها.
وتشبه قصة هروبها قصص نشطاء آخرين مطلوب القبض عليهم لدورهم في الانتفاضة، إلا أن فدوى امراة من الاقلية العلوية التي تنتمي إليها أسرة الاسد وتنخرط في انتفاضة معظم المشاركين فيها من السنّة.
وتبرأ عدد كبير من العلويين من فدوى، بينهم شقيقها محمود الذي ظهر على شاشة قناة فضائية تابعة للدولة ليقول إن وحدة سوريا أهم من شقيقته.
وعلى الرغم من تحول التوتر بين السنة والعلويين لعنف طائفي في بعض مناطق سوريا، وخصوصاً حمص، تعتبر فدوى أن بمقدور السنة والعلويين العيش معاً، مشيرةً إلى أن أسراً سنية محافظة فتحت منازلها لايوائها وحمايتها من قوات الامن.
وتقول ان النظام يصور حمص على انها معقل للتشدد الإسلامي، ولكنها تشير إلى انها جابت احياء سنية لتوزيع منشورات بدون حجاب ودخلت منازل اسر متدينة لمناقشة الاوضاع السياسية وتنظيم تظاهرات تالية.
واظهر تسجيل مصور، اذيع على موقع يوتيوب، فدوى تقف على منصة في حي الخالدية السني في حمص وهي تهتف “واحد واحد واحد.. شعب سوريا واحد”.
وفي التظاهرة قالت فدوى “اقول (للاحياء العلوية) تعالوا لعندنا لتروا الثوار المسالمين… كونوا على ارض الواقع حتى إذا كنتم تريديون الوقوف مع النظام.. نحن جيران نحن اخوة بالدم”. وتابعت “أطالب المثقفين والناس من كل الطوائف بان يأتوا إلى حمص لان يكونوا ضمانة للسلم الاهلي. اذهبوا إلى حمص لمنع النظام من خلق الفتنة في سوريا. لا يمكن ان نجعل النظام يزرع فتنة طفيفة ليقتل هذا الشعب الراقي بعضه البعض”.
وفي مقابلة في وقت سابق، شدت فدوى باغنية شهيرة للمغني اللبناني مرسيل خليفة وسط شبان من مسقط رأسها في منطقة جبال العلويين المطلة على البحر المتوسط. وغنت فدوى “إني اخترتك يا وطني حباً وطواعية… إني اخترتك يا وطني فليتنكر لي زمني… ما دمت ستذكرني يا وطني الرائع يا وطني”.