ألفة قدارة
ما الذي أثار استياء الجمهور المغربي في مهرجان موازين لهذه السنة؟ هل هو اختيار المغنية الامريكية جينفير لوبيز في حفل الافتتاح؟ أم هي ملابسها التي تفتقر الى الاحتشام ورقصها المغري ؟ أم هو نقل العرض مباشرة على قناة حكومية مغربية ؟
يبدو أن الاختيار موفق الى حد ما ، والدليل أنه استقطب أكثر من ١٦٠ ألف شخص بحسب المشرفين على المهرجان .
أما الملابس “الخفيفة”والعرض الراقص فقد ألهب الايادي بالتصفيق ، والحناجر بالغناء .. فما الذي يغضب فئة من الناس ؟ إنها مسألة نقل هذا العرض ” الماجن ” كما يرى البعض على القناة الحكومية المغربية ، رغم أن نسبة المشاهدة والمتابعة بلغت أوجها وذروتها أثناء البث.
في الحقيقة ، ما أثاره افتتاح مهرجان موازين من مواقف متباينة يثير أسئلة كثيرة تدعو الى التفكير . فالرغبة السياسية في الانفتاح على الاخر وعلى الحضارات والبلدان العربية والغربية رغبة لا تخفى على أحد .. خاصة وأن المغرب هو البلد العربي الذي يعرف استقرارا فلم تطله الثورات ولم تزعزعه أيادي الإرهابيين .. إلا أن هذه الرغبة تصطدم أحيانا بمواقف وردود فعل تكبح جماحها لتتدخل في الشأن الثقافي وتحرج المشرفين عليه.
لا ننسى أن شريط “الزين الي فيك” منع من العرض في المغرب بسبب ما تضمنه من مشاهد تسيء الى ” قيم المجتمع المغربي ” . أيام قليلة بعد المنع ، تدخل جينيفير لوبيز البيوت المغربية بلباسها “الفاضح “وحركاتها “المائعة “.
فأي تناقض هذا ؟ أم إنه التباس السياسة بالثقافة ؟ ولا أدلّ على ذلك مما جاء في الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية الاسلامي ، الذي يقود التحالف الحكومي في المغرب ،بأن جينيفير لوبيز ” كانت ترتدي ملابس جدّ مخلة بالحياء، وتقوم بحركات جنسية، تتنافى مع عادات وتقاليد المغاربة”
إن من ينصب نفسه رقيبا على عادات وتقاليد المغاربة وعلى ذائقتهم الفنية والموسيقية ، قد يتحول تدريجيا الى ديكتاتور قامع مكرس للانغلاق والتقوقع .. ودعوات البعض لالغاء مهرجان موازين نهائيا تندرج في هذا الإطار .
والاجدر أن تتم مراجعة اختيارات المشرفين على المهرجانات ، وأن تنفد الاعمال الفنية نقدا بناء يساهم في النهوض بالقطاع الثقافي ويطرح المشاكل الحقيقية .
الجدل الذي تركته سهرة الافتتاح لمهرجان موازين هذه السنة ، لا ينفي ما حققته ايضا من إقبال سياحي على المغرب وانتشار صورة مغايرة للعالم العربي في كل وسائل الاعلام الغربية تختلف عن صور القتل والدمار اليومي ، صورة فئة من المجتمع تستمتع بالموسيقى العالمية في مسرح آمن متطور .
جينيفير لوبيز قد تقلب موازين المهرجان هذه السنة فتساهم في إلغائه ، خاصة وأن المتربصين به كثر .. فهل يستجيب الملك لهذه الضغوطات أم أن سياسة الانفتاح وتعزيز العلاقات مع دول العالم ستنتصر ؟