- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

استهداف أفريقيا فقط «قتل» المحكمة الجنائية الدولية

Bassam 2013بسّام الطيارة

نجح الرئيس السوداني عمر البشير في الإفلات من «العدالة الدولية» بخروجه حراً من جنوب أفريقيا رغم أمر القضاء في هذا البلد بمنعه من السفر. هل هي شطارة وجرأة من البشير؟ أم أنها تراخي وتمنع في تنفيذ أوامر القاضي الذي أمر بمنعه من السفر؟

في الواقع لا هذا ولا ذاك. السبب الأساسي الذي سمح لسلطات بريتوريا بتجاهل طلب المحكمة الجنائية الدولية هو أن هذه المجكمة في لاهاي تبدو للحكومات الأفريقية بأنها لا تهتم إلا بملاحقة…  القادة الإفارقة فقط، ما ينزع عنها أي صفة حيادية ويجعلها بحق غير نموذجية أمام الرأي العام الأفريقي.

صحف عديدة أوروبية تساءلت «هل المحكمة الجنائية الدولية عنصرية؟»، بالطبع الإجابة هي «كلا» إلا أن ما يحصل هو أنه بعد ما يقارب من ثلاثة عشر عاما على بدء العمل بنظامها حسب اتفاقية روما فإن أعمالها محصورة في ملاحقة ومحاكمة  الحكام الأفارقة. فتحت المحكمة الجنائية تحقيقات في أربع قضايا: ١) أوغندة الشمالية و٢) جمهورية الكونغو الديمقراطية و٣) الجمهورية الأفريقية الوسطى و٤) دارفور. كما أنها أصدرت 9 مذكرات اعتقال وتحتجز اثنين مشبه بهما ينتظران المحاكمة.

صحيح أن الاتهامات التي توجه لهؤلاء الحكام قد يكون لها مستند قانون يجب إثباته تحت قوس العدل في لاهاي إلا أن حصر الملاحقات في أفريقيا فقذ نزع عن المحكمة كال مسوغات الاحترام وهو أساس نجاح عمل المؤسسات الدولية.

نستطيع أن نسأل المحكمة لماذا لم تتحرك في ميانمار مثلاً أو في أميركا الجنوبية أو في دول عربية حيث ارتكب ويرتكب فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. لماذا لا يلاحق حكام اسرائيل مثلاً؟

سيصيب المحكمة الدولية ما أصاب الأمم المتحدة التي تفقد رويدا رويدا مصداقيتها بسبب هيمنة القوى الكبرى على مجلس الأمن. عدم ملاحقة حكام دولة يكون في غالب الأحيان بسبب تمنع دولة كبرى لأسباب سياسية. وملاحقة حكام آخرين يكون أيضاً لأسباب سياسية.

لذا بدأت الدول الأفريقية بتأسيس محاكم خاصة بها للإفلات من طوق المحكمة الدولية:  محكمة إفريقية استثنائية أنشأت من قبل السنغال والاتحاد الإفريقي ستحاكم الرئيس التشادي السابق حسين هبري في داكار بتهمة “جرائم ضد الإنسانية” و “جرائم حرب”. جمهورية إفريقيا الوسطى سنت قانون يسمح بإنشاء محكمة جنائية خاصة، لمحاكمة مرتكبي الجرائم إبان الحرب الأهلية. وعدد متزايد من الدول الأفريقية يستعدون ل حاكمة قاتليهم بأنفسهم.

هكذا تكون الدول الكبرى التي «طوعت ودجنت» المحكمة الجنائية الدولية حسب مصالحها قد عملت على وأد فكرة القضاء الدولي، تماما كما فعلت في الأمم المتحدة ومعظم المؤسسات الدولية. وممن هنا لا عجب إذا كانت الولايات المتحدة واسرائيل قد امتنعتا حتى الآن عن الانضمام لمعاهدة إنشاء المحكمة الدولية.