- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

برقيات ويكيليكس تخضع لرقابة من قبل ناشريها

BT 2015نقطة على السطر

بسّام الطيارة

مساء يوم الجمعة الماضي بدأ موقع “ويكيليكس” بنشر مراسلات وزارة الخارجية السعودية من وإلى سفاراتها حول العالم. 60 ألف وثيقة من أصل نصف مليون وثيقة سيتم نشرها على مدار الأسابيع القادمة. ما أن انتشر الخبر ونشرناه على موقعنا حتى بدأت تصلنا رسائل إلكترونية من الأصدقاء ومن غير الأصدقاء كلها تشي بفلان أو علتان، كلها تشير إلى أن «اسم هذا …» موجود على لائحة ويكيليكس» أو «هل تعلمون أن فلان قبض من السعودية….»، وفي بعض الأحيان أسئلة تنم عن «كسل السائل»… مثل «هل اسم فلان موجود على اللوائح؟» . وبالطبع لا بد أن كافة المواقع الإعلامية وصلتها رسائل ممثالة.

نصف مليون وثيقة سيتم نشرها تباعاً، وللصراحة فإن ٩٠ في المئة من هذه الرسائل الإدارية لا قيمة سياسية لها. ولكن الـ ١٠ في المئة المتبقية لها بعض القيمة الإعلامية السياسية.

سؤال محامي الشيطان يدور حول ما هو منشور وما هو غير منشور.

أي بصراحة ما هي البرقيات التي تصل إلى يد ويكيليكس وما هي نسبة البرقيات التي «لا تنشر» ولماذا لا تنشر. وإذا نزلنا مرتبة لنتناول الصحف والوسائل الإعلامية التي «كلفتها» ويكيليكس نشر هذه البرقيات نطرح نفس السؤال ما هو المنشور وما تمنعت عن نشره هذه الصحف؟

فالقارئ العادي ليس لديه المقدرة مالياً (فموقع ويكيليكس ليس موقعاً مجانياً) ولا الوقت ولا القدرة العملية على تصفح الـ ٥٠٠ ألف برقية في حال وصل إليها. من هنا نرى قدرة بعض الوسائل الإعلامية  على «اختيار ما يناسب خطها السياسي»، فالصحف التي لديها المقدرة للوصول إلى المعلومات يكون لديها خطاً يمنعها من نشر ما يخالف مسيرته.

تحصل هذ الأمور مع ويكيليكس كما تحصل مع «أي خبر».

نرى ذلك في أخبار الوكالات: فكم مرة غاب خبر من صحيفة ليظهر فقط في صحيفة لها خط مخالف للصحيفة الأولى والعكس بالعكس. كم مرة نستطيع أن نلاحظ حصول حدث ما في منطقة ما تذكرها قناة إعلامية وتتجاهلها قناة أخرى أو تمر عليها بشكل سطحي خفيف يحوّر الحدث.

الإعلام المحايد ضعيف ولا يستطيع مجاراة الإعلام المتمكن مالياً، ومثلما يحدث في ماركات الملابس والسيارات والساعات والمجوهرات والعطورات، فإن القارئ منجذب تلقائياً نحو «الوسائل الإعلامية الكبرى» التي تعبئ الفضاء الإعلامي بإعلاناتها وباجتذابها لـ«شخصيات بارزة» بسبب قدراتها المالية.

وهكذا يبقى القارئ (خصوصاً العربي) بعيداً عن شق كبير من الكم الإعلامي الحقيقي لكونه «إما هنا أو هناك» يحصل هذا الانقسام بشكل يحاكي الانقسام السياسي البارز والظاهر في العالم العربي «تكون هنا أو تكون هناك» تقرأ «هذا أو ذاك». ولكن بين هذا وذاك، بين هنا وهناك توجد أشياء كثيرة تفوت على قارئنا العربي كما ستفوته الكثير من برقيات ويكيليكس غير المنشورة.