- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ولادة قيصرية في … اليونان

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

تعبت  أوروبا من كثرة اللقاءات والمفاوضات مع اليونان من دون تحقيق تقدم، وتعبت من الأعباء الملقاة على عاتقها نتيجة تشدد الموقف التفاوضي من رئيس الوزراء الشاب الكسيس تسيبراس ، اليساري الهوى ، الباحث عن موقع مميز يدخله نادي رؤساء الوزراء الإصلاحيين في الاتحاد الأوروبي . إستراتيجية الإنتظار واللعب مع الوقت ، حاول تسيبراس ممارستها مع الأوروبيين يوم الأحد الماضي ، عندما جعل المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، ينتظرون في بروكسيل وصول النسخة من المقترحات والخطة اليونانية الإصلاحية المؤلفة من أحد عشر صفحة ، حتى  الثانية عشرة ليلا ، وهي المهلة التي حددها المسؤولون الأوروبيون لتتسلم هذه الخطة من أجل دراستها والموافقة عليها من أجل الخروج من الأزمة الإقتصادية التي تعاني منها اليونان والبقاء في منطقة اليورو .

رئيس الوزراء اليوناني الذي تتفاوت الآراء بشأنه أوروبيا ، بين من يعتبر أنه يتجنب الدخول في التفاصيل ويحاول الحصول على الوقت وبين من يعتبر انه يأخذ بلده الى الإفلاس برفض تطبيق الشروط الأوروبية واقتراحاته تتضمن تعديلات شكلية وطفيفة، وهو ربما ما جعل مديرة الصندوق الدولي كريستين لاغارد تقول بعد فشل إجتماع لوكسمبورغ ، إنه ” لا وسيلة للمباحثات مع اليونانيين إلا إذا ما وجد في غرفة التفاوض رجال بالغين ” في إشارة منها الى عدم تحمل المسؤولية في القرارات الكبرى في عمليات الإنقاذ الاقتصادية ، خاصة وأن الإستحقاق الُملح على أثينا في الثلاثين من حزيران ، هو أن تدفع 1.6 مليار يورو لصندوق النقد ، كما تستطيع الحصول من المقرضين على 7.2 مليار يورو قبل نهاية حزيران في حال تقيدت بمطالب الدول والهيئات المُقرضة .
الفترة التفاوضية شكلت إمتحانا أوروبيا لمدى تقبلها خروج أحد أفرادها من المجموعة ، وقد أبدت فرنسا تمسكها ببقاء أثينا في منطقة اليورو ، فيما أبدى سبعين بالمئة من الشعب الألماني عدم إعتراضه على خروج اليونان ، في وقت دعا 53 بالمئة من الألمان الى خروج اليونان من الإتحاد الأوروبي .
على الرغم من تقديم تسيبراس لورقته الإصلاحية ودراستها من قبل وزراء المال الأوروبيين ، والتي جاء فيها تنازل في بعض الخطوات ، ومنها منع التقاعد المبكر دون المس برواتب المتقاعدين وتقليص الإنفاق العسكري والموافقة على زيادة الضريبة على القيمة المُضافة التي تؤمن برأيه 1.8 مليار دولار في العام 2016 ، إلا أن الأوروبيين وعلى رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ، يطلبون المزيد معتبرين أن التنازلات اليونانية الكبرى تسمح  بفتح الأفق أمام إتفاقية هذا الأسبوع .
عندما طالب تسيبراس باجتماع قمة أوروبية وليس وزراء المالية ، جاءه الرد ” يمكنك أن تحصل على القمة التي تُطالب بها لكنك لن تحصل على مفاوضات ” . بالطبع لن تكون ولادة الأتفاق الاوروبي مع اليونان ولادة عادية ، في ظل ظروف غير طبيعية نتيجة الأزمة الاقتصادية في العديد من الدول ، وبالطبع فإن خسارة اليونان من هذه المجموعة لن تكون سهلة على دول منطقة اليورو، لما سيكون لها من تداعيات تزيد من التراجع في قيمة اليورو كما تهز موقع الاتحاد ، ومن هنا فإن المقترحات اليونانية يمكن أن تشكل قاعدة إيجابية للتفاوض الذي يؤدي الى نتائج إيجابية إنما بولادة قيصرية ..