- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

رمضان تونس .. الدستور والعلمانية على محك الواقع

Capture d’écran 2015-06-23 à 16.14.28ألفة قدارة – (خاص)

ينص الفصل السادس من الدستور التونسي على الآتي : الدولة راعية للدين ، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية ، حامية للمقدسات ، ضامنة لزيادة المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي.
لكن يبدو أن هذا الفصل سرعان ما ارتطم بالواقع .. فبدا مجرد حبر على ورق . فلقد عمد بعض رجال الأمن الى مصادرة البطاقات القومية للمفطرين في إحدى المراكز التجارية في شهر رمضان. في حين أن القانون لا يمنع الافطار في رمضان ولا يعاقب عليه. فتونس دولة مدنية ومن المفروض أن يحترم دستورها حرية الضمير.
الحادثة لا تختلف كثيرا عن حادثة منع مضيفة  من ارتداء الحجاب أثناء العمل في الأيام الفارطة .
التفكير في الحادثتين على اختلافهما يحيل الى نقاط ائتلاف كثيرة . فالمنع في الحالتين إهانة واضحة صريحة للمواطنة والدستور الذي كلّف الشعب التونسي دماء زكية واموالا لا تحصى ولا تعد .
إن الصوم واجب وهو ركن  من أركان الاسلام الخمسة ، والمجال هنا ليس لمناقشة المسألة فقهيا ، أما الاكل والشرب فهو حق . كذلك تعتبر المجاهرة بالإفطار في بلد مسلم واستفزاز الناس  أمرا مرفوضا . إلا أن المعيب ايضا أن تهين الشرطة المواطنين وان يمنع المسؤولون موظفة من حرية ارتداء ما تريد أثناء عملها إذا كان اللباس لا يتنافى مع ظوابط العمل.
إن معركة الحريات لا تزال طويلة في تونس ، فالدستور اليوم يتأرجح بين طوباوية ومثل عليا ، وبين واقع يرفض الاختلاف والتحديث الاجتماعي . الا أن هذه المعركة ليست فقط مع الدولة ، بل في صلب المجتمع ذاته حتى يتصالح مع نفسه ويتقبل الاخر باختلافه  الفكري والديني والسياسي والاجتماعي . فلا يوجد تصميم واحد للبشر كما يقول سارتر ولا يوجد ما يجب أن نكون عليه.
ان الانسان يعيش في معاناة مستمرة لانه محكوم بالاختيار، والاختيار مسؤولية لا تخلو من قلق ..
هذا ما يدعونا الى التساؤل .. هل يحتاج المجتمع الى شرطة دينية أو الى فرق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اذا كان الانسان في الأصل حرا في اختياره الوجودي ؟
وهل يمكن حرمان الانسان من حقوقه في الحرية ( حرية الضمير والمعتقد وممارسة الشعائر الدينية )؟
ازدواجية المعايير وضبابيتها احيانا لا تجعلنا نتغافل عن مسألتين :
١- أين الدولة من كل هذا اذا كانت مؤسساتها  ودستورها هما الضامنتان لتطبيق القانون والسهر عليه ؟ ومن يحكم تونس فعليا اليوم ؟
٢- الدستور والقوانين بصفة عامة لا يمكن الالتزام بها في حال استكانة المواطن وقبوله بالظلم أو الاهانة .
الفصل السادس من الدستور إذن ، لا يمكن له بأي حال أن يحترم اذا لم يؤمن المواطن أن حقه خط أحمر لا يجب تجاوزه . وأن الدماء التي أريقت منذ ٢٠١٠ الى اليوم  ستذهب سدى اذا استكان  وقبل بوضع يعيد الديكتاتورية شيئا فشيئا .