- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مجزرة سوسة: الشعب يريد أن يعرف لماذا حصلَ ما حصلَ ؟

القاتل الارهابي سيف الدين رزقي

القاتل الارهابي سيف الدين رزقي

ألفة قدارة – (خاص)

تحاول تونس أن تلملم جراحها بعد يوم دام، ويستفيق الناس شيئا فشيئا من الصدمة والذهول .. لتبدأ عملية جلد الذات : لماذا ؟ ولصالح من ؟ وما الذي  جعل تونسيا يخون الوطن ويزهق ارواح ضيوفه؟
أسئلة حارقة وتوق الى معرفة الحقيقة مهما كانت مرارتها ..وزير الداخلية التونسي صرح مع انطلاق التحقيقات أن ” أطرافا افتعلت فراغا أمنيا من أجل إتاحة الفرصة لتنفيذ عملية سوسة الإرهابية ” دون أن يوضح طبيعة هذه الجهة المعنية وهوية هؤلاء الأطراف .
هذا التصريح يتطابق مع ما أدلى به شهود عيان . فمدينة سوسة عرفت فراغا أمنيا قبل العملية وبعدها . وقد لا تسعفنا التحقيقات الان بإجابة سريعة لكن الاكيد أن الخلل الاستعلاماتي والمخابراتي فظيع . يكفي التمعن في لقطات الفيديو التي  توثق العملية والتي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لتقفز الى الاذهان أسئلة صادمة .. لقد دخل منفذ الجريمة البشعة الى المكان واقترف إثمه بسهولة مريبة ثم خرج ،  بنفس الطريقة وكأن مسرح الأحداث قد أفرغ إفراغا ..
ان صور القاتل وهو يزهق عشرات الأرواح غدرا وانسحابه بدم بارد دون أن تظهر عليه علامات الاضطراب أو الخوف أو الرهبة تدعو الى التأمل . سيف الدين الرزقي هذا الإرهابي التونسي لم تكن السلطات الأمنية في تونس  تعرف عنه سوى أنه مستهلك مخدرات ، أما التحقيقات الجديدة فأفادت أنه تدرب  على حمل السلاح في تونس ولم يغادرها الى اي دولة أخرى .. ولكن تربطه علاقات بجهاديين من خلال الإنترنيت  وشبكات التواصل الاجتماعي ..Capture d’écran 2015-06-29 à 06.08.41
هذا الإرهابي جامعي ، تم استقطابه مؤخرا عبر شبكات الإنترنيت ، وكان يتلقى دروسا في مساجد تحرض على الجهاد والارهاب . وبذلك دخل سيف الدين الرزقي في قطيعة مع حياته السابقة للاستقطاب . تلك الحياة التي لا تختلف كثيرا عن حياة فئة كبيرة من شباب تونس ..
مهما يكن من أمر ، لا يجب التغافل عن نقطتين أساسيتين  في هذه المرحلة :
أولا : أن كثيرا من الشباب في تونس يعيشون حالة من الاغتراب تلقي بهم في براثن تمييع المعنى . فيبحثون إما عن الفرار الى الخارج للهروب من احباط الداخل . أو الى التفكير في الآخرة وحوريات الجنة فيسعون للفوز بهن من خلال القتل وسفك الدماء .
ثانيا: في حال ثبوت تخطيط مسبق للفراغ الأمني الذي تزامن مع تنفيذ العملية ، سيُصبِح الامر عملية تواطأت لتنفيذها جهات كثيرة . وعلى الحكومة أن تثبت هوية هذه الأطراف ودوافع جريمتهم وحقيقة تبني داعش لها .
يبدو أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة وستكشف معها مزيدا من الحقائق ، خاصة وأن السلط البريطانية والالمانية والبلجيكية
قررت المشاركة في التحقيقات . لكن الاكيد أيضا أن ثقة الشعب التونسي بحكومته ومؤسسته الأمنية اهتزت اهتزازا كبيرا . فبعد ثلاثة أشهر من اقتحام متحف باردو وما يمثله من رموز ثقافية وتاريخية وسياسية ، هاهي مدينة سوسة رمز السلطة والاقتصاد تعرف ذات المصير البشع كاشفة عن فشل ذريع في الاستفادة من أخطاء الماضي واستشراف المستقبل .