- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

شبح الدراخما يلوح فوق اليونان

najat-charaf-dineأثينا – نجاة شرف الدين (خاص)
فتحت  الأزمة الإقتصادية اليونانية العديد من الجروح المغلقة مع دول الإتحاد الأوروبي ، على وقع المفاوضات الصعبة  وغير المجدية حتى اليوم ، بشأن إيجاد الحلول التي تضمن بقاء اليونان في منطقة اليورو . فحالة الغضب والخوف  التي سيطرت على اليونانيين خلال الأيام الماضية،  وحالة الهلع التي إنتابت الشعب اليوناني ، بعد الإعلان عن إقفال المصارف لمدة أسبوع  ، أي بعد اجراء الإستفتاء يوم الأحد المقبل في 5 تموز ، مع أو ضد الخطة الإصلاحية التي قدمتها دول الاتحاد ، جعلت البلد يعيش لحظات لم يشهدها من قبل ، كما عبّرت إحدى المواطنات ، التي إعتبرت”  أن الساعات التي سبقت اقفال المصارف كانت استثنائية في حياتنا “.
هذه اللحظات التي عاشها ولا يزال المواطن اليوناني ، أطلقت العنان لصرخات الوجع الإجتماعية نتيجة الإجراءات التي قامت بها الحكومة سابقا وزادت اليوم عليها موضوع الرقابة على التحويلات المالية ، إضافة الى تحديد السحب اليومي للعملة النقدية من الماكينات الآلية بمبلغ ستين يورو يوميا ، وهو ما جعل اليونانيين أسرى  الصفوف الطويلة أمام مراكز ( آي تي أم ) الآلية ، في وقت أصبحت عملة ” الكاش ” وحدها الاقوى ، مع تراجع معظم المتاجر عن قبول بطاقات الائتمان نتيجة إقفال البنوك .
هذا المشهد اليوناني الإقتصادي بالشكل ، يخفي في طياته نقاشا سياسيا برز من خلال تشدد الموقف الألماني وعلى رأسه المستشارة أنجيلا ميركيل في مطالبها الإصلاحية تجاه اليونان والتي وصفها أحد المراقبين بأنها تدرس خطواتها سياسيا،  خاصة أن لديها انتخابات في العام 2017 ، وأكثرية المؤيدين لها ومنهم نواب  يرفضون دعم اليونان معتبرين أن الفرصة أُعطيت ولم يتم الالتزام بالمقترحات الأوروبية وبالتالي عليهم تغيير أسلوبهم في التعاطي  أو االإلتزام بالشروط الموضوعة من أجل البقاء . هذا الموقف الألماني ، والذي كان حريصا على إبقاء اليونان في الاتحاد ، قابله إستياء يوناني وعودة الى سبعين عاما الى الوراء ، الى مرحلة الحرب العالمية الثانية ، والتي يرى المراقبون ، أن لليونان ديونا على ألمانيا لم يتم تسديدها بعد الحرب،  وهي بالطبع أكثر من ديون ألمانيا على اليونان اليوم والبالغة 57  مليار يورو ، وهو احد المبالغ التي تطالب اليونان بشطبه .
من جانبها مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ، والتي لن تحصل على إستحقاقها اليوم والبالغ  1.6 مليار يورو ، تحاول تصعيد موقفها بسبب رغبتها في التجديد لها العام المقبل على رأس الصندوق ، وهي تحاول بهذا الموقف إرضاء دول الاتحاد الأوروبي ومنهم فرنسا برئاسة فرانسوا هولاند الذي بدوره يخوض انتخابات في العام 2017 ، والمصرّين على سلة الاجراءات الضرائبية الجديدة ودفع المستحقات للدول الدائنة .
ربما من المبكر القول أن اليونان لا يريد البقاء في الاتحاد الأوروبي ، وهو بالمناسبة قرار يقرره اليونانيون وحدهم ، أو دول الإتحاد الأوروبي مجتمعة أي 18 دولة بالإجماع ، وربما من المبكر الحديث عن مغادرة حلف شمال الأطلسي والانضمام الى حلف آخر ، إلا أن الأصوات بدأت تعلو ، عن الحاجة الى من يحمي اليونان ويساعدها ، وهو ما عبر عنه احد المحللين بالقول ، ” روسيا من الدول الصديقة الجاهزة للمساعدة كما الصين ، فلماذا لا نكون ضمن دول البريكس ونعود الى عملتنا ” الدراخما ” ، لن تكون سهلة في البداية إنما بعد وقت ليس بالطويل نكون في موقع آخر بدل أن نتوسل دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسهم ألمانيا من أجل مساعدتنا ” .
مما لا شك فيه أن اليونان يعيش أصعب لحظاته الاقتصادية كما السياسية ، وَمِمَّا لا شك فيه أن الأبواب تبقى مفتوحة مع الأوروبيين حتى ما بعد الإستفتاء ، إلا أن السؤال يبقى ماذا لو قرر اليونانيون ترك اليورو والعودة الى الدراخما ، هل يتحمل الأوروبيون خروجا مدوّيا لليونان ؟