- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الفنانون العرب يخشون قيوداً جديدة… بعد الرقابة السياسية

عين شمس

كان من المفترض أن يحمل المشهد الأخير في فيلم «عين شمس»، وهو فيلم مصري من أفلام السينما المستقلة حصل على جوائز، منظر سيارة قديمة تسير في ميدان التحرير وسط القاهرة، وهي تقل عائلة من الطبقة الوسطى مع بطلة الفيلم شمس، تتجه إلى مستقبل مجهول.
وأثناء تصوير هذا المشهد الأخير، اختلط الواقع بالخيال وأخرج رواية مختلفة. فقد انتهى الفيلم الذي أنتج عام 2006 بمشاهد رجال شرطة حقيقيين يلقون القبض على العاملين بالفيلم للتصوير، من دون إذن أو الحصول على الموافقة على السيناريو من وزارة الداخلية. إلا أن الفنانين الآن يملؤهم الأمل في أنهم لن يضطروا إلى مواجهة قيود مشابهة في مصر بعد الثورة.
ويقول ياسر نعيم، منتج شاب واعد، «لقد انتهى خنق إبداع الفن المصري مع سقوط حسني مبارك». ويؤكد نعيم الذي صور فيلماً قصيراً في عام 2010 عن صعوبات إنتاج فيلم عين شمس “الثورة المصرية أفرزت حريات فنية جديدة. والآن واجبنا كفنانين هو ضمان أن وقائع مثل القبض على إبراهيم البطوط (مخرج الفيلم) لن تحدث ثانية”.
من جهتها، ترى بسمة الحسيني، مديرة المورد الثقافي، وهو مركز تبادل ثقافي يسعى لدعم الإبتكار الفني، أن الثورات العربية التي حررتها الحماسة الثورية قادت انفجاراً إبداعياً في أنحاء المنطقة.
أما الباحثة والمخرجة المعروفة فيولا شفيق فقالت إنه رغم «الحشد غير المسبوق للمشهد الفني في العالم العربي»، فإن الكثير من الفنانين المستقلين في تونس ومصر مضطرون للتعامل مع كونهم فنانين وناشطين سياسيين في نفس الوقت. وهي إزدواجية لا توفر وقتاً كبيراً للتجسيد وتمنع الفنانين جزئياً من الآداء.
وأضافت “لم يكن هناك وقت كاف للفنانين لأخذ خطوة إلى الوراء لتطوير أشكال فنية جديدة، ولهذا السبب وحتى الآن فإن الثورة ذاتها هي المصدر المسيطر للإلهام”.
وجرت طباعة العديد من الكتب منذ ثورة 25 يناير في مصر ومعظمها يتضمن توثيقاً للأحداث. وتتضمن الكتب الأخرى فقط صوراً التقطت خلال الإحتجاجات التي استمرت 18 يوماً وأجبرت مبارك على ترك الحكم.
وفى السينما، عرض فيلم وثائقي « تحرير 2011: الطيب والشرير والسياسي» الذي يتطرق لجوانب مختلفة من الثورة على ثلاثة أجزاء.
وفي تونس، لم يذهب فن الثورة بعيداً عما هو في مصر. فأقيم معرض صور تحت عنوان «الفن في تونس» تضمن مئة صورة التقطت خلال الاحتجاجات وهي نموذج عن كيفية تعامل الفنانين المصورين مع الثورة الشعبية.
أما في سوريا، فقالت رانا يازجي، وهي ناشطة سورية وأمينة متحف فني “حالياً يأتي التغيير الحقيقي في الثقافة من الشارع، لأن الفنون الأساسية التي تمولها الحكومة أصبحت مرفوضة أكثر من ذي قبل”.
بيد أن بروز الأحزاب الإسلامية في المنطقة العربية ترك الفنانين يتساءلون ما إذا كانوا سيمنحون حرية تشكيل المشهد الثقافي.
وفي المغرب، حيث احتفل حزب العدالة والتنمية الإسلامي بفوزه في الإنتخابات التي جرت في تشرين الثاني/ نوفمبر، فإن حريات الإبداع آخذة فى التدهور بالفعل، وفقاً لما ذكره مراد قديري وهو شاعر وناشط ثقافي مغربي.
وقد طالب سياسيون إسلاميون من مهرجان مراكش السينمائى الحادي عشر الذي أقيم في كانون الأول/ ديسمبر أن يكون متماشياً مع القيم الإسلامية واعترضوا على فيلم «حجاب الحب»، وهو فيلم مغربي مستقل جرئ يصور حمل سيدة محجبة من علاقة زنا.
وقال قديري أمام منتدى ثقافي مؤخراً في القاهرة إن هذا النوع من الرقابة هو جرس إنذار عن تدهور الحريات الفنية في البلاد.
وقالت الفنانة التشكيلية المصرية هدى لطفى: «مع وجود غالبية من الإسلاميين في البرلمان، فإن الحريات الفنية التي تم اكتسابها حديثاً قد تكون قصيرة الأجل»، مضيفةً أن الفنانين “يجب أن يحموا إنجازاتهم الثورية من خلال تشكيل جماعة ضغط (لوبي) للضغط على الإسلاميين”.
ورغم هذه المخاوف المتزايدة ، فإن الروائي المصري الشهير بهاء طاهر متفائل من أن المشهد الفني في المنطقة سوف ينتعش. وقال طاهر “إن الجيل المبدع الجديد يجسد آمالنا في الوقوف ضد تطورات معينة مقلقة تحدث حالياً”.