- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

كيف أوقعت روسيا وسوريا الجامعة العربية في الفخ؟

جورج مالبرونو

تتجه مهمة المراقبين العرب في سوريا نحو الفشل، إلا أن الجامعة العربية لا تستطيع أن تنهيها قبل التاريخ المحدد، وهو ما دفع الوزراء العرب إلى تمديدها.‬
يقول دبلوماسي في العاصمة السورية«لا بد أن المراقبين قد استلموا رسالة مفادها بأنه في حال تم حشر دمشق فإنه لن يسمح لهم بالعودة مرة ثانية». غير أن الجامعة العربية وضعت مصداقيتها في الميزان هذه المرة، وهي المرة الأولى التي تتدخل بها بهذا الشكل. ويتابع عن خبرة «لذا فهي لا تستطيع أن تنسحب اليوم».‬
ولكن السؤال كيف وصلتا لأمور إلى هذا الحد؟ في الواقع فإن الجامعة العربية وقعت في الفخ الذي نصبته لها سوريا وحليفتها روسيا، عندما وقعت في ١٩ كانون الأول/ ديسمبر بروتوكول الاتفاق حول إرسال مراقبين في بلد تجترحه ثورة شعبية تقمعها قوات بشار الأسد الأمنية (٥٠٠٠ ضحية حسب الأمم المتحدة).‬
قبل أيام، وتحديداً يوم الأربعاء في ١٤ كانون الأول، توصلت قطر إلى قناعة بأن دمشق لن توقع على البروتوكول فقررت نقل الملف إلى مجلس الأمن في نيويورك.‬ ولكن في اليوم التالي كان أول ردة فعل معاكسة، فقد أعلن العراق عن مبادرة وبدأ مشاورات مع دمشق. ويعترف الدبلوماسي بأن«لا شيء تسرب من هذه المبادرة ولا نعرف أي تفضيل عنها»، قبل أن يضيف بأن «انفجار العنف في بغداد وأدها».‬
في نفس اليوم، فجأة طرحت روسيا، التي كانت ترأس مجلس الأمن حتى نهاية السنة، مشروع قرار حول سوريا. ويعترف المصدر بأن «طرح هذا المشروع قد قضى على المبادرة القطرية وخطوة الجامعة العربية للتوجه إلى الأمم المتحدة»،
وفي سياق هذ الخطوة تطلب موسكو من فاروق الشرع المجيء إلى موسكو، وتبدأ ضغوطاً على بشار الأسد، طالبة منه التعاون مع المراقبين. وترضخ دمشق وهي تعلم، مثلها مثل موسكو، بأن الجامعة العربية لا تملك الوسائل الكافية للتصرف بالسرعة اللازمة. هكذا أطبق الفخ على الجامعة العربية.‬
ويشرح الدبلوماسي بأن «الجامعة لم يكن تحت يدها خبراء يستطيعون العمل بسرعة على الأرض». وتم إنشاء فريق تقني بسرعة، إلا أن النتيجة كما لاحظها مصدرنا على الأرض جاءت بعد اسبوعين: «كانوا يحاولون أن يفعلوا ما يستطيعون بما لديهم من وسائل محدودة… أي لا شيء». لم يكن لديهم ناطق رسمي. لم يعقدوا أي مؤتمر صحافي منتظم، ويضيف الدبلوماسي، الذي تواصل مع رئيس اللجنة الجنرال دابي الذي تدور شكوك حول مصداقيته، بان «الأمور فالتة من عقالها». رجال الأجهزة الأمنية والبروتوكول ابتلعوا الجنرالورجاله. فقد جهزت السلطات السورية وسائل اتصالاتهم وتنقلاتهم. ويتابع الدبلوماسي «لم يكن لديهم أشخاص كفوئين يقولون للسوريين: عندنا معلومات غير المعلومات التي تمدونا بها، نريد الذهاب إلى هنا وهناك وليس إلى حيث تعرضون علينا الذهاب».‬ وبلغت المسألة حداً لا يطاق، إذ إن دمشق كان يحق لها وضع فيتو على اسماء المراقبين.‬
ماذا سوف يحصل الآن؟ لا بد وأن تتواصل مهمة المراقبين وفي أغلب الظن سوف يتم تطعيمها بعد تقريرها الأول لوزراء الخارجية العرب. وفي هذا الوقت ما زال مشروع القرار السوري في الأمم المتحدة ركيكاً، إذ يصفه دبلوماسي آخر بأنه «بعيد جداً عن التطلعات الغربية، لأنه يضع عنف النظام على نفس مستوى عنف المتظاهرين وهذا غير مقبول». ‬
أما النظام السوري فهو يتمسك باستراتيجية ربح الوقت. عدد آخر من المراقبين سوف يصلون خلال شهر كانون الثاني/ يناير. وسوف تمدد مهمتهم لأسابيع. وبعد ذلك سوف يصدرون تقريراً ينددون فيه بالعقبات التي تضعها دمشق. عندها سوف يقبل النظام بتخفيف قبضته قليلاً، تمهيداً لوصول فريق مراقبين آخر، فتزول الضغوط عن سوريا. وينهي الدبلوماسي قائلاً «عندها سوف نكون قبل اسابيع من الانتخابات الرئاسية الفرنسية ونكون على قاب قوسين من الانتخابات الأميركية»، وتتغير معها اهتمامات الغرب، أو هكذا يأمل النظام السوري.‬

Georges Malbrunot