- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

معركة الزبداني وانتخابات الرئاسة اللبنانية

Khaled Breichخالد بريش

انتهت ماراتونية المفاوضات الأمريكية الإيرانية باتفاق كان متوقعا وكل المحللين والمراقبين يؤكدون أنها انتهت بنتيجة رابح = رابح بالنقاط… وهذا الاتفاق برمته كاد أن يكون ناقصا بل كارثيا لكثيرين في المنطقة العربية لو لم يأت كلام وزير الخارجية الفرنسي ويكمله موضحا أن له ملاحق كثيرة تتعلق بالمنطقة.. ليأتي بعدها كلام الرئيس الفرنسي المتلفز فيضع النقاط على الحروف محددا نقطة هي من الأهمية بمكان وتتعلق ببعض البلاد العربية التي تدهمها الحروب الداخلية وبأن على إيران أن تساعد في ذلك من خلال أصدقائها…
ومن هنا يصبح المشهد أكثر وضوحا بالنسبة للبنان وبالتالي من الممكن عندها فهم معركة الزبداني التي يخوض حزب الله غمارها منذ أكثر من أسبوعين ومن قبل الجولة الأخيرة للمفاوضات والتي توجت بالتوقيع.. هذه المعركة التي سيجعل منها انتصار الانتصارات أمام جماهيره وأمام اللبنانيين عامة فهو دخل المستنقع السوري وتعرضت قواته إلى مآزق وأحيانا هزائم وعلى عدة جبهات أكثر مما حققت من نجاحات وحتى في المكان الذي حققت فيه نجاحا وهو مدينة القصير وريفها فإن التكلفة كانت باهظة وردات الفعل الشعبية والإعلامية ضده وضد ما قامت به قواته كانت عكس ما توقعه مما أدخلها في مصاف الحروب المذهبية فساء ذلك إليه ولتاريخه أكثر مما نفعه…
ولكي يعود الحزب إلى لبنان من حربه السوريا ويخرج من هذا المستنقع ويواجه اللبنانيين ساسة ومواطنين لا بد من أن يحقق انفراجا في مسارين معا :
أولا : على صعيد حربه في سوريا لا بد له من إنجاز يستطيع تسويقه داخليا ويعيد له بعضا مما خسره وقد مهد لذلك بمعركة جبال القلمون والتي حسب أقواله هي لإبعاد المتطرفين عن حدود لبنان ولتأمين حدوده وإن كان ذلك لم يقنع أحدا ولا حتى قسم كبير من جماهيره مما اضطره إلى خلط الأوراق وإدخال مكونات أخرى في هذا الأتون ولو إعلاميا كبعض فصائل الحزب الشيوعي والحزب القومي وحركة أمل وذلك لكي يجعل منها معركة وطنية بامتياز… لتتلوها الحرب التي يخوض غمارها في منطقة الزبداني المتاخمة للحدود اللبنانية وذلك لكي يثبت أمام كل اللبنانيين ما ردده مؤخرا من أن تدخله في الوحل السوري كان من أجل حماية لبنان ولإبعاد المتطرفين والدواعش عن حدوده متناسيا ما قاله في البداية من إن تدخله في سوريا بناء على رغبة سيد طهران الولي الفقيه بسبب البيعة التي في عنقه…

ثانيا : وعلى صعيد الانتخابات الرئاسية في لبنان فلا بد من تحقيق انفراج ما وإجراء هذه الانتخابات وبالأخص أن الأنظار الدولية تتجه إليه وتحمله المسؤولية في عدم إتمامها ومن هنا تأتي على ما أعتقد التظاهرة المليونية لجماهير العماد عون والتي كانت تحت يافطات حقوق طائفية ضيقة جدا وغابت عنه المطالب الوطنية وكشفت وهو الأهم حجمه التعبوي فلم تتخط جماهيره حجم تظاهرة قرية من القرى في حفلة عرس لأحد أبنائها وبعيدة كل البعد عن الحشود التي طبل لها وزمر… وقد كشفت هذه البهلونيات العونية أن قلة من اللبنانيين الذين يستجيبون لمثل هذه الطروحات مما حمل أيضا رسالة ضمنية لحزب الله مفادها أن الشحن المذهبي لم يعد يجدي وقد يرتد على صاحبه.. هذا إذا علمنا أنه يُلاحظ ومنذ مدة غير بعيدة حالة من التململ في صفوف الحزب وقواعده بسبب خسائره الكبيرة في المستنقع السوري ولأن المثقفين منهم أخذوا يرون في هذه الطروحات والمسلكيات المذهبية طريقا مسدودا لا يمكن أن توصل في نهاية المطاف إلى لقاء مع مكونات الوطن الأخرى ولا تحترم الصيغة اللبنانية وتنوعها وبالأخص الآخر المواطن والشريك…

وهكذا يكون في اعتقادي الجنرال صاحب شعار ” أنا أو لا أحد ” قد وقع في الفخ الذي نُصب له بإحكام ووقع بنفسه أيضا ورقة انسحابه من السباق الرئاسي ومني بهزيمة تضاف إلى هزائمه السابقة وخصوصا بعد ارتكاب محازبيه استهتارات وطنية باعتدائهم على قوات الأمن والجيش اللبناني الذي كان قائده يوما وينوح ليلا نهارا من أجل المحافظة عليه وصونه..! وما ترافق مع ذلك من تطاول الصهر المدلل والوزير الحديث الخبرة في عوالم السياسة وتعقيداتها في لبنان على شخص رئيس الوزاء تمام سلام وما يمثله من رمز وبعد وطني والذي يتمتع باحترام الجميع.. مما يفتح الباب على مصراعيه أمام مرشح آخر ينتظر خلف الباب ولم يعلن عنه حزب الله إلى الآن ولكنه مما لا شك فيه لن يكون مرشح تحد ولا إزعاج للأطراف الأخرى ويثير حفيظتها على أقل تقدير فتوافق عليه…