- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

قطر تستثمر في الضواحي الباريسية

‎الضواحي: ترفض وزراة الداخلية الفرنسية الإعلان عن عدد السيارات المحروقة في فترة الأعياد

أعلنت دولة قطر إنشاء صندوق استثمار خصصته للضواحي الباريسية، من أجل تمويل المشاريع الاقتصادية للشباب الفرنسيين من أصول مغاربية أو مهاجرة. وقد نصبت دولة قطر أنظارها هذه المرة نحو الضواحي الباريسية، بعد شرائها للفريق الرياضي “باريس سان جيرمان” وحقوق النقل التلفزيوني لمسابقة رابطة الأبطال. وكان السفير القطري بباريس، محمد جهام الكواري، قد صرح لعشرات من الممثلين المحليين من أصول مغاربية خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي أن: “أمير قطر قرر إنشاء صندوق استثمار قيمته 50 مليون يورو من أجل العمل معكم”. وهذا المبلغ، كما علقت عليه جريدة “لوموند” الفرنسية: “هو مبلغ ضخم جداً، إذ يعادل قرابة عُشر ميزانية وزارة المدينة الفرنسية لهذه السنة والتي تقدر بـ548 مليون يورو”.
وحسب جريدة “لوموند” دائماً، فإن فكرة التقارب بين الضواحي الباريسية ودولة قطر إنما هي بادرة فرنسية وليست قطرية، فجمعية “أنالد” (Aneld ) المغاربية (الجمعية الوطنية للممثلين المحليين للتعددية) التي يترأسها كمال حمزة، وهو من أصول جزائرية، كانت سباقة لهذا المشروع التعاوني الفرنسي- القطري. وتضم الجمعية، جماعة من الناخبين من الحزب اليميني واليساري من أصول مغاربية، وتقول هوارية حاج شيخ، ممثلة جبهة اليسار بمرسيليا وعضو في جمعية “أنالد”: “قصدنا القطر للجرأة”.
وقام الممثلون المحليون، الخريف الماضي، بمراسلة سفير قطر بفرنسا الذي قبل طلب استقبالهم في السفارة. وبعد وقت يسير قام السفير بتنظيم سفرة لمدة أسبوع إلى العاصمة القطرية الدوحة. وذهب عشرة من الممثلين إلى هذه البعثة حيث التقوا خلالها بالأمير الشيخ حمد بن خليفة الثاني، كما قاموا بمقابلة العديد من المسؤولين ووزعوا عليهم بالمناسبة الكثير من السير الذاتية. ويعلل كمال حمزة، رئيس جمعية “أنالد” والمستشار البلدي للحزب اليميني “الاتحاد من أجل حركة شعبية” لضاحية “لاكورنوف” (La Courneuve) الباريسية: “لأول مرة، لم تكن هويتنا عائقاً بل أخذت بعين الاعتبار وأضفتها قيمةً”، وتضيف هوارية حاج شيخ: “إن مساعدة قطر لنا ليست إلا نتيجة للصعوبات المتفاقمة والحالة المتذمرة واليائسة التي تشهدها الضواحي الباريسية”.
وعن هذا الاستثمار، يفسر كمال حمزة، رئيس جمعية “أنالد”: “مع الأزمة الاقتصادية، أصبح من الصعب جداً الحصول على أموال، ولذا لجأنا إلى قطر، لكن هذه المساعدة يجب أن لا تُفهم كنوع من الإيثار أو الإحسان. إنه استثمار من نوع “رابح- رابح”، ولذا يجب عرض مشاريع جدية”، ويضيف: “لأول مرة لم تكن هويتنا مصدر احتقار أو عطب”، من جهتها قالت هوارية حاج شيخ إن: “مساعدة قطر ليست إلا نتيجة الصعوبات اليومية المتذمر منها”، ويوضح كمال حمزة أن: “كل من يقطن الضواحي الباريسية يمكنه الاستفادة من هذا الاستثمار، وعلى فرنسا أن تضع حداً لخوفها حتى من ظلالها”.
هذه المبادرة تم تقييمها بدرجات مختلفة، فالبعض رحب بها، والبعض الآخر رفضها، غير أن الغالبية الساحقة نوهت على أن استثمار قطر دليل واضح على إهمال الضواحي الباريسية من قبل الدولة الفرنسية.
فرولان غوغلان، الرئيس الجديد لجمعية المدينة والضاحية، رئيس بلدية مدينة “ريليوه لاباب” (Rillieux-la-Pape) (جنوب شرق)، وهو من الحزب الاشتراكي، يقول: “استثمار قطر في الضواحي الباريسية لا يزعجني بتاتاً، فالولايات المتحدة هي الأخرى تحاول الاستحواذ على مهاراتنا، لكن لو اهتمت الدولة جيداً بالضواحي، لما آل الحال إلى ما نحن عليه اليوم”. ويرى كذلك كلود ديلان، عضو في مجلس الأمة، رئيس بلدية سابق لضاحية “كليشي سو بوا” (Clichy-sous-Bois ) بمنطقة سان سان دونيه (Seine-Saint-Denis) الشهيرة  أن استثمار قطر في الضواحي الباريسية هو: “دليل على وجود هوة بين المجتمع الفرنسي والضواحي الفرنسية”، ويبدو من كلامه أنه ضد فكرة تدخل قطر: “هل يمكننا التخيل لمجرد ثوان السماح بمثل هذا النوع من التدخل في قطاع نشاطات أخرى؟ هل يمكننا التخيل أن تستثمر الولايات المتحدة الأمريكية بعشرة ملايين في قطاع التربية الوطنية؟”.
أما الحكومة الفرنسية، فقد رحبت بهذا المسعى واعتبرت المساعدة القطرية “دليلاً إيجابياً للاعتراف بمواهب وقدرات الشباب المغاربي وإنشاء مؤسسات في الأحياء الشعبية الفرنسية”، كما جاء على لسان موريس لورواه، وزير المدينة.
غير أن هذه المساعدة القطرية يمكن أن تخفي وراءها “دوافع سياسية لنشر أفكارها وسياستها الوهابية”، كما نوه بذلك محمد على عدراوي، الخبير في الشؤون السياسية.