- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

أوباما روحاني : العشق المسموح

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

على الرغم من تشكيك العديد من المراقبين في استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ، وعلى الرغم من تشكيك الكثيرين في إمكانية توقيع الاتفاق النووي مع إيران نتيجة عوامل عدة أبرزها المعارضة الجمهورية والاسرائيلية والخليجية ، إلا أن الرئيس الأميركي كان حريصا على إرسال مؤشرات عدة منذ بداية انفتاحه على خصمه اللدود الرئيس الإيراني حسن روحاني، عبر الاتصال الهاتفي الاول بين الرجلين في العام 2013  في طريق عودة الأخير من نيويورك بعد إلقاءه كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو كان الخرق الابرز لأربعة وثلاثين عاما من القطيعة بين البلدين .
الرسائل المباشرة وغير المباشرة توالت بين الرجلين ، اللذين كلّفا وزيري خارجية بلديهما جون كيري ومحمد جواد ظريف للتواصل ، وبدا من خلال دبلوماسية الرجلين أن الكثير من العوائق يمكن تجاوزها نتيجة إصرار الطرفين وحاجتهما المشتركة للإنجاز . وهما حرصا على التأكيد بأن المفاوضات تتناول الملف النووي ولا تتعلق بالقضايا السياسية ، التي شهدت تغييرات عديدة منذ بداية الانفتاح الأوبامي على طهران، وهو ما اثار حفيظة حلفاء أميركا وعلى رأسهم إسرائيل ودوّل الخليج العربي .
القراءات العديدة التي تناولت الاتفاق النووي، تراوحت بين من المؤيدين اللذين يعتبرون ما حصل إنتصارا لإيران ، والمعارضين اللذين يعتبرون ما حصل خسارة وتراجعا لإيران وتسليمها للمجتمع الدولي لمدة تتراوح بين عشرة وخمسة عشر عاما ، وبين هاتين القراءاتين، يمكن انتظار مفاعيل هذا الاتفاق وتداعياته والتي ستأخذ وقتها ، إلا أنه من خلال قراءة المؤشرات الأولية بعد صدور القرار الاممي الاول برفع العقوبات عن إيران ، وهي الخطوة التطبيقية الاولى بانتظار الخطوة الثانية في الكونغرس الأميركي بعد ستين يوما ، يمكن القول إن أوباما وروحاني نجحا في هندسة العلاقة بين البلدين بعيدا عن المعارضات الداخلية للرجلين ومن حملة الضغوط المشتركة التي تعرّضوا لها أثناء فترة المفاوضات .
بعد سيطرة داعش في العام الماضي على منطقة الموصل في العراق، تم تشكيل تحالف دولي أُستُبعدت فيه طهران، رغم وجودها على الارض وفي الميدان، والى جانب المستشارين والخبراء الأميركيين اللذين حضروا لمساعدة القوات العراقية في مواجهتها للارهاب الداعشي. غض أوباما الطرف لمدة عام، عن وجود زعيم الحرس الثوري قاسم سليماني في المعارك الميدانية، وأصبح للخصمين اللدودين أميركا وإيران عدوا واحدا هو ” داعش ” يحاربانه جنبا الى جنب ولو من دون الإعلان الرسمي .
ربما تكون داعش قد قربّت أكثر بين الرئيسين الأميركي والايراني أثناء فترة التفاوض، وربما سيحمل الاتفاق بداية لمرحلة جديدة من التعاون والعمل سويا لمحاربة الأرهاب ، إلا أن ما يمكن تأكيده أن أوباما وروحاني دخلا التاريخ في بلديهما، وما قبل الاتفاق لن يكون كما بعده ، والعشق الذي كان ممنوعا  بين الرجلين أصبح اليوم مسموحا واللقاء بينهما لن يكون بعيدا …