- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

التوريث السياسي: ذكاء جنبلاط وخبث هولاند

BT 2015نقطة على السطر

بسّام الطيارة

يتثاءب التاريخ ويضحك. كما كان يحصل مع كل من أطاح بهم الربيع العربي عندما كان ربيعاً، يحصل اليوم مع الزعماء العرب الذين يزورون العواصم الغربية. كما في الأمس يحدث اليوم: قبلات على وجنات الزعماء الزوار.
ألا يتساءل هؤلاء كيف كانت القبلات على وجنات بن علي والقذافي ومبارك وغيرهم؟ أم يعتقدون أنهم «مختلفون»؟ هل يحصل معهم ما يحصل مع من ينزل عندبائعة هوى فتتنهد فيعتقد أن تنهداتها خاصة به لأنه هو هو؟
يستقبل المسؤولون الغربيون زعماء العرب من دون أي انتقاد لما يفعلونه في بلادهم أو لما هم عليه من حال أيا كانت هذه الحال. تماماً كما استقبلوا في السابق الدكتاتوريين وفرشوا لهم السجاد الأحمر دون أن يصدر عنهم أي انتقاد لسياسات وتصرفات هؤلاء الزعماء.
ولكنهم كانوا يبتسمون… كذلك ابتسموا عندما سقط هؤلاء الزعماء.
بالأمس استقبل الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرنسوا هولاند الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط ومعه … ابنه تيمور. رئيس دولة الثورة الفرنسية استقبل إقطاعي سياسي يعمل على توريث ما ورثه، وحسب مصدر مقرب من جنبلاط فهو «أكد لتيمور أن عائلته صديقة فرنسا ويمكنه الاعتماد عليها»، ويستطرد المصدر المقرب ويكشف أن «هولاند طرح أسئلة على تيمور… وعن توليه خلافة أبيه» فرد الابن وارث أبيه «نحن دائماً نعتمد عليكم». سؤال فوقي وإجابة انبطاحية.
لا أحد يمكنه الشك بذكاء الزعيم الدرزي زعيم حزب اشتراكي تنتقل الزعامه فيه بالوراثة (!)، ولكن هل يصدق جنبلاط ابتسامات هولاند وتهنئته لوراثة إقطاعية في القرن الحادي والعشرين؟ هل كان هولاند صادقاً مع زائريه عندما ابتسم وهنأ الاب والأبن على هذا «المسار السياسي الإقطاعي»؟ بالطبع لا! إنها البراغماتية وهي التسمية العلمية للخبث السياسي.
بالطبع هولاند كان صادقاً مع نفسه، كما كان نيكولا ساركوزي صادقاً مع نفسه وخبيثاً مع القذافي أو بن علي أو مبارك.
جنبلاط سعيد بتحقيق «اعتراف بتوريث ابنه» من دولة كبرى تمهيدا لانتقال الشعلة. إنها القابلية للاستعمار كما وصفها مالك بن نبي، هذه القابلية تدفع أصحابها لكل التنازلات مقابل المحافظة على مصالحهم الضيقة و… العائلية.
هذا درس لكافة أبناء الطائفة الدرزية وكل الطوائف، درس يقول: مهما علا شأنكم مهما حملتم من شهادات وغصتم بالدراسات ونهلتم من العلوم فإن طموحكم سيظل تحت عتبة الزعامات.
بعد هذا لا عجب من ارتفاع نسبة الهجرة بين الشباب… من كل الطوائف.

يحصل هذا مع كل الزوار العرب، ولهذه الأسباب الهجرة مطلوبة لدى شباب كل البلدان العربية.