- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

رُهاب الحريّة

linaلينا جزراوي

لا أنكر أني شَعرت بالذّل في أول مرة سافرت فيها مع بناتي ، عندما طلب مني الضّابِط على الحدود ورقة من مخفر أمني مُوقّعة من زوجي بمُوافقته على أن اسافر بهنّ ، إشتعلت شرارة الثّورة في داخلي ، فالرسالة التي وصلتني وقتها ، هي بأني مُجرّد حاضِن لطِفلاتي لا يحقّ لي أن أتخّذ أي قرار يَخصّهن ، مهما كان سخيفا ، أنجبت وانتهى دوري .
أيّ اهانة أقسى من هذه الاهانة يُمكن أن توجّه لامرأة ، تعتقِد أنها لا تختلِف عن الرّجل في شيء !!!!! شعرت برغبة في أن ألتقِط الرّجل من قبّة قميصه وأصرخ في وجهه قائِلة ” أنا امرأة حرّة ، يا غبي ” ، كان وقتها سببا كافيا ، ليوقِظ في داخلي رغبة جامِحة في رفض تهميشي وتجاهلي ، لمجرّد أني امرأة .
لكن هذه الثّورة لم تعنِ لي أن أخلِق مافيا نسائيّة تسعى لسلب حقوق ( الرجل) ، كما يُحاوِل البعض أن يُروّج ، حيث يُردد بعض النماذج ، ” بأن مُطالبة المرأة بالحريّة تعني سلب الرجل حريّته وحقوقه !! ” هذه العبارة السخيفة ، والسّاذجة التي تختزِل نِضالات المرأة في العالم ، وتُصوّرها على أنها مُحاولة لانتِزاع حقوق الرجال ، أنا امرأة من حقّي أن تعلّمني الحياة ما علّمته للرجل ، أريد أن أنعَجِن بطين الأرض وتُرابها ، وأن أختار طريقي ، أريد أن أخطىء وأتعلّم ، أن تتعثّر خطواتي وأقوم من جديد ، اريد أن استحقّ حياتي .
لقد تعرّض مفهوم الحريّة لكثيرٍ من التشويه ، حتى أصبح هاجِسا لدى البعض ، مُطالبات النّساء بالحريّة ، جعلوا منه مِشجبا يُعلّقون عليه نواقِصهم وانحِرافاتهم وفهمهم المُشوّه للحريّة ، فالحريّة في عُرفِهِم ” للرّجال فقط ” ، شعوري بالذّل تجاه أي مُمارسة أو قانون أو سلوك يحقّر مني كامرأة ويراني مجرّد رَحِم وجسد مهمّته الانتاج ، يجب أن يرفُضه الرجال قبل النّساء ، ان حُريّة الرجل في مُجتمع المرأة فيه مَهزومة ليست حُريّة ، ولا تقدّم لك أي امتِياز ، و خلاص فئة النساء خارج نطاق الخلاص الجماعي حُريّة واهمة ومُرفّهة ، وهي مجرد قفص ذهبي يخدعك لمعانه ، تحدث داخِل اسواره كلّ أشكال الاضطّهاد البشِعة ، الحرية لا يُمكن أن تتحقق الا في وطن كل من فيه حرّ وقوي .
أنا امرأة ، ولست ناقِصة عقل ،،،، أما الدين فمسامِحتكُم فيه إن كان نقصا عِندي