توفي، الاثنين، وسام اليامني الذّي كان في غرفة الإنعاش وتحت العناية المركّزة منذ إيقافه المضطرب والعنيف الذّي تعرض له ليلة رأس السّنة الجديدة في مدينة “كليرمون فيران” (Clermont-Ferrand) ، حسب تصريح محاميه جون فرانسوا كانيس.
وكان المدعي العام لمدينة “كليرمونت فيروند”، جيرار دافارني، قد فتح تحقيقاً يوم السادس من كانون الثّاني/ يناير، في موضوع “العنف المتعمّد ضدّ شخص عامل في الحكومة الفرنسية”، ويقتضي التّحقيق النّظر في ظروف توقيف الشّاب وسام اليامني، البالغ من العمر 30 سنة، من قبل عناصر الشّرطة في حيّ “لاغوتيير” (La Gouthière)، ليلة رأس السّنة وبداية السّنة الجديدة. وتمّ تعيين قاضيين اثنين للإشراف على التّحقيق الذّي تولته المفتشية العامة للشّرطة الوطنية. ويبدو أنّ الأحداث تسارعت في اتخاذ إجراء كهذا، بحيث تمّ اتهام الشّرطيين اللّذين قاما بتوقيف وسيم اليامني واصطحابه حتّى مركز الشّرطة بدل فتح تحقيق ضدّ مجهول. وقد أثار هذا الاتهام غضب عائلة الشّاب وسام التّي رأت أنّه: “من غير المعقول اتهام شرطيين فقط، في حين كان أكثر من عشر دوريات متواجداً”. كما لم يرضها موقف النائب العام ووصفته بـ “الغامض” إذ أعلن أنّ وسام اليامني كان تحت سيطرة الكحول والحشيش وأنّ هذا يمكن أن يشكّل ذريعة لتصرّفه غير العادي.
وإثر انتشار خبر دخول وسام اليامني غرفة الإنعاش، لجأ شبان ضواحي مدينة “كليرمونت فيروند” إلى حرق قرابة 50 سيارة تعبيراً عن القهر الممارس، أمام مرأى دوريات شرطة “السياراس”. ونظمت مسيرة احتجاجية سلمية يوم السّبت الماضي للتّنديد بالتّصرفات القمعية التّي ارتكبت في حقّ الشّاب. وخرج في المسيرة، التي نظّمها أصدقاء وسيم اليامني، قرابة 600 متظاهر، صرّح أحدهم لجريدة “لوموند” الفرنسية: “نحن غاضبون من هذه المعاملات العقابية والتمييزية التّي قام بها عناصر شرطة الدّولة”. وحمل المتظاهرون في أوّل الصّفوف راية كبيرة خطّ عليها: “لا أحد فوق القانون، كفى تجاوزات! نحن معك يا وسيم”.
وتعدّدت الرّوايات حول قضية وسيم اليامني، الكثير يتساءل ماذا حصل بالفعل؟ وكيف انتقل وسيم اليامني الذّي تمّ إيقافه واصطحابه إلى مركز الشّرطة داخل دورية ليودع بعدها غرفة الإنعاش ويلفظ أنفاسه بعد أيام قلائل.
وحسب عناصر الأمن فإنّ الشّاب هو من تهجّم على دوريات الشّرطة، وكان في حالة جدّ متوترة، لأنّه كان تحت تأثير الكحول والمخدرات، وأنّه، إثر اللّحاق به، تمّ تمديده على الأرض وإلباسه الأصفاد ثمّ نقله في الدّورية باتجاه مركز الشّرطة لكن خلال نقله أصيب بنوبة قلبية. وتذكر جريدة “لوموند” أنّ الشّاب لم تكن له سوابق صحية، وعند وصول دوريات الإسعاف تمّ تعيين كسور وجروح على مستوى الرّقبة.
لكنّ شهادات عديدة تلغي هذه الرّواية الرّسمية، من بينها من قال: “لقد رأيت من خلال نافذتي كيف مدّدوا الشّاب على الأرض وألبسوه الأصفاد، كانت هناك دورية شرطة واحدة لكن بعد ذلك انضمت إليها دوريات أخرى لتصبح عشرة. نزل عناصر الأمن، وقاموا برفع صوت الموسيقى عالياً وأزاحوا الكمامات من فم كلبين هائجين، وبدأوا يعدّون “ثلاثة، اثنان، انطلقوا” تمّ انهالوا ضرباً على الشّاب”، شهادات كثيرة تبعتها مؤكّدة أنّ تجاوزات خطيرة تمّ ارتكابها من قبل عناصر الأمن.
في انتظار التّحقيقات، يبدو أنّ وفاة وسام اليامني ليست إلاّ بداية مسلسل طويل أسود..