- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الديموغرافيا الفلسطينية… سلاح للتدمير الشامل

خاص ــ «أخبار بووم»
يمتلك الفلسطينيون سلاح تدمير شامل، ولكنهم، بعكس الشعوب الأخرى، لا هم يُغطّون عليه ولا هم يقلّلون من قدرته. في مطلع كل سنة، يتباهى الفسطينيون بقدراتهم التدميرية بشكل بيانات معقدة الاستحصال ولكن سهلة الإبراز: إنها الإحصاءات الرسمية لتعداد السكان التي يقوم بها المكتب الوطني للإحصاءات.
في نهاية العام الماضي، أعلن المكتب عن عدد الفلسطينيين في الضفة وفي غزة وفي الشتات أيضاً: الضفة وغزة 4.23 مليون نسمة، داخل الشريط الأخضر 1.37 مليون نسمة، بينما يبلغ التعداد 4.99 ملايين نسمة في الدول العربية المحيطة بفلسطين. ما يشير إلى أن التعداد الحالي للفلسطينين هو 11.22 مليون نسمة.
ويأخذ «سلاح الردع الشامل الديموغرافي» أهميته مقارنة مع الأرقام التي يصدرها المركز الاسرائيلي للإحصاء، الذي أعلن في مطلع هذه السنة أن عدد سكان إسرائيل بلغ 7.83 مليون نسمة بينهم 5.9 مليون «يهودي»، اما العرب، من مسيحيين ومسلمين، فتعدادهم 1.6 مليون نسمة. أما السكان من «جنسيات أخرى» فعددهم حوالي الـ٣٠٠ ألف. أما الفارق بين ما تعلنه اسرائيل عن عدد عرب الداخل وبين ما تعلنه أرقام السلطة الفلسطينية أي ٢٧٠ ألف فهو عدد العرب المقيمين في القدس.
إلا أن الإعلان عن الأرقام لا يكفي لـ«كشف القوة التدميرية» للديموغرافيا الفلسطينية، فقد أرفق المكتب الوطني الفلسطيني أرقامه بإسقاط على المستقبل وتقويم لعدد الفلسطينين (مسيحيين ومسلمين) في الأراضي المحتلة ووراء الخط الأخضر.
وتقول هذه الأرقام إن عدد الفلسطينيين سيعادل عدد «اليهود» في إسرائيل والأراضي المحتلة في مطلع عام ٢٠١٥، وسوف يتجاوزه في عام ٢٠٢٠، أي بعد ثماني سنوات. ويتفق الخبراء على أن هذه الأرقام يمكن الأخذ بها لأنها تعتمد على «الوضعية الاجتماعية الحالية» للفلسطينين، إلا أن تحسن الوضع الاجتماعي والاقتصادي يمكن أن «يبطئ» تقدم الديموغرافيا الفلسطينية، وهو ما يسمى في لغة الديموغرافيين «تطبيع اجتماعي».
إلا أن هذه الأرقام ترمي زيتاً على نار الجدال السياسي القائم في إسرائيل حول مسألة «دولة واحدة أو دولتين»، بعد أن باتت المستعمرات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة عقبة كبرى في وجهة إقامة دولة فلسطينية (راجع ألآن غريش في “أخبار بووم”). ومن المتوقع أن تعمل هذه الأرقام على دعم المطالبين بـ«إعطاء الفلسطينين دولتهم» قبل فوات الأوان حين يصبح الخيار خارج إطار المطلب الوطني الفلسطيني، بل في إطار «هيكلية الدولة اليهودية» حيث يكون الخيار بين أن تكون إسرائيل دولة ديموقراطية يتصاعد داخلها الدور السياسي للفلسطينيين وصولاً إلى أكثرية سياسية تحكم البلد (وهو ما يسمى اليوم في دوائر البحث بـ«حل على مثال روديسيا»)، وبين أن تكون دولة عنصرية تعامل سكانها العرب (مسلمين ومسيحيين) معاملة سكان من درجة ثانية، وهو ما يزيد من تشويه صورة إسرائيل في الخارج وصولاً إلى فصل الرأي العام العالمي عن دعمها، ما يمكن أن يقود أيضاً إلى «حل على مثال أفريقيا الجنوبية». وكلا المثالين أبرزا وصول الأكثرية إلى الحكم بعد نضال سلمي أو عنيف.