- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

حوار المواجهة أم مواجهة الحوار ؟

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

منذ بدء عملية التفاوض بين الولايات المتحدة وإيران وصولا الى الجلسات الطويلة مع الدول الست، حرصت واشنطن على التأكيد في كل مرة بأن الاتفاق يتناول النووي الإيراني ولم يتطرق الى الملفات السياسية في المنطقة . هذا الحرص لم يقنع العديد من دول المنطقة وفي مقدمها دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، كما أنه لم يقنع العديد من المراقبين والمحللين ، اللذين رأوْا بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني في الرابع عشر من تموز الماضي، أن تداعيات هذا الاتفاق ستشكل تحولا في المنطقة .
التطمينات التي قدمتها الادارة الأميركية الى حليفتها السعودية بشأن مضمون الاتفاق ، أيضا لم تُقنع الرياض، وهي إستمرت بالحديث عن موضوع التدخل الإيراني في دول المنطقة وزعزعة الاستقرار، لا سيما في اليمن، التي قادت خلاله المملكة تحالفا مشتركا بمشاركة واشنطن للقضاء على الحوثيين، اللذين تعتبرهم يتحركون بموجب أوامر إيرانية.
جال وزير الخارجية الأميركي جون كيري عدة مرات قبيل الاتفاق، من أجل تسويقه خليجيا، وهو شارك بالأمس في اجتماع وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون بحضور نظيره الروسي سيرغي لافروف. بدأت المقاربات الأميركية الروسية تتقاطع فيما بينها، بملفات تسويق الاتفاق النووي خليجيا، وإيجاد مقاربة جديدة في سوريا بمبادرة روسية، ومواجهة داعش بمشاركة تركية هذه المرة .
عندما زار ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان  موسكو وإلتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طرح الأخير فكرة إعادة إحياء العلاقة السعودية السورية، بعدما قدم فكرة تحالف تركيا والسعودية وسوريا والأردن لمواجهة التطرّف ، وهو ما أقنع الأمير الشاب بلقاء المبعوث الأمني السوري الى الرياض علي المملوك. وبغض النظر عن نتائج هذا اللقاء ، الذي يحتاج الى المزيد من الوقت لرسم أفق للمرحلة المقبلة ، إنما مجرد حصوله بعد أربع سنوات من القطيعة، يشكل تحولا في إمكانية القبول بحل سياسي ، ولو كان بعيدا .
نجح بوتين بعقد اللقاء السعودي السوري الأول، وهو سيبقى مرهونا للتطورات كي لا يكون الأخير، إنما ما يسعى إليه كيري هذه الأيام هو جمع الرياض وطهران ، والذي يبدو أنه لا يزال صعبا،رغم جولة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على عدد من دول الخليج ومنها الكويت وقطر، محاولا بث التطمينات لما بعد الاتفاق مع دول الجوار . هذا الموقف لظريف عبّر عنه أيضا في مقالة في صحيفة السفير تحت عنوان ” الجار ثم الدار : توصية أخلاقية أم ضرورة إستراتيجية ؟ ” معتبرا أن اتفاق فيينا لا يشكل أي ضرر لجيراننا داعيا الى إجتثاث جذور التوتر وعوامله وغياب الثقة فيه . ظريف دعا أيضا الى تشكيل مجمع للحوار الإقليمي في منطقتنا ومن ثم بين جميع الدول الاسلامية في الشرق الأوسط وفق أهداف مشتركة حدد أهمها باحترام سيادة ووحدة تراب جميع الدول واستقلالها السياسي وعدم انتهاك حدودها والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى .
مما لا شك فيه أن دعوة ظريف الحوارية لن تلقى جوابا مباشرا، في انتظار المؤشرات على الأرض بعدم التدخل في شؤون الدول، وهو البند الأساس الذي ترتكز عليه الرياض في رفضها ، وَمِمَّا لا شك فيه أن حوار الرياض دمشق فتح نافذة في المواجهة الطويلة، فهل تتحول المواجهة بين الرياض وطهران الى حوار أم يبقى الحوار بالمواجهة ؟