- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

المراقبون العرب… حماية للمدنيين أم بوق للنظام؟

دمشق ــ خاص “أخبار بووم”
طالت الثورة السورية إلى أن وصلت إلى مرحلة لا يمكن ان يتحمل ثقلها أي شعب، فبات عليها أن تعتمد على ذاتها. ما نتج من النظام السوري طوال الأربعين سنة الماضية، من تدمير للنسيج الاجتماعي والبنية السياسية، جعل للثورة طابعها الاعجازي، فسارت خارج السياق، وخصوصاً أن سوريا تفتقد للمعارضة المنظمة، فهناك معارضون فاقدين لأدبيات المعارضة وللخطط والبرامج، ليتحوّلوا إلى منجمين يحاولون معرفة ما هو شكل التغيير القادم، منتظرين من الآخر أن يقوم به.
في هذا الوقت، لم تتراجع السلطة عن اللجوء للحلول الأمنية، معتقدة أنها قادرة على وئد الحراك، لكنها فشلت. لذلك لم يعد من الممكن السكوت عما يجري في سوريا، إلا أن ما نلاحظه من القوة المهيمنة على القرارات الدولية انها ليست متحمسة لتغيير النظام في سوريا، لذلك دفعت بالجامعة العربية لترسل لجاناً ليس لها أي خبرات في هذه الشؤون، ورئيسها مشتبه بنزاهته، واعطتها مهلاً كانت جديرة بمساعدة النظام للفتك بالشعب، وتجلى ذلك في تصريح للبعثة بأن هناك عصابات مسلحة في سوريا ليكون اثباتاً على فشل الجامعة.
ويقول المحامي المعارض، حبيب عيسى، “القوة الخارجية بما فيها العربية تلعب على موضوع الوقت لأنها ليست في عجلة من امرها لإنهاء ما يجري في سوريا، وبما ان الشعب يثور والنظام يضرب به، فالهلاك اذاً لكلاهما. ما أضطر الجامعة العربية لحفظ ماء الوجه وبعث مراقبين. الا ان الفعل يبقى جزءاً من حراك الهيمنة الدولية التي تعطي الوقت والمهل المتكررة للنظام السوري لقتل شعبه بغية ان يخرج المجتمع السوري ضعيفاً، لأن في قوته انجاح للثورات الاخرى وولادة لثورات جديدة تمتد من المحيط الى الخليج. والجدير بالذكر ان مهلة الشهر التي اعطيت للجنة اوضحت ان المستفيد الاول هو النظام السوري بغية تعطيل ايصال الملف الى الامم المتحدة، حيث كان جل مبتغاه من جلب البعثة هو اقناعها بما يريد وبالتالي قول ما يمليه عليها، ألا أن عظمة الشارع أفشلت المخطط وفرض الشارع رأيه بقوة”.
وجاء تصريح رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن جاسم، ومفاده “بان هناك اخطاء لدى اللجنة طالبا من الامم المتحدة المساعدة”، لمصلحة الشعب السوري، وخصوصاً أن هناك تصريحات كانت اقرب إلى الاكاذيب، حيث ادعت اللجنة ان وجودها ساعد في سحب المظاهر المسلحة من الشوارع والافراج عن مئات المعتقلين، لترد “الهيئة العامة للثورة” بأن اللجنة  فشلت في عملها، وهي الان عاجزة عن حماية المدنيين بسبب انحيازها الى النظام.
على البعثة العربية، في ظل انعدام وجود تغطية اعلامية للتحقق من المجريات، ان تحترم مهامها او ان ترفض خوض تجربة ليست اهلا لها . فهناك احد الاشخاص الذين قابلوا اللجنة في حمص يعلق على عدم قدرة اللجان من تقصي الحقائق بشكل ممنهج فيقول “أن مجموعة من المراقبين جاءت إلى حي الزهراء، وهو حي أغلبية سكانه من العلويين المؤيدين للنظام في شرق حمص، بمرافقة عناصر الأمن، الذين أبلغوا المراقبين أن هذا الحي هو حي الخالدية المنتفض أساسا، الا أن الصدف شاءت أن يشاهد احد المراقبين سرفيس مكتوب عليها خط الزهراء – المهاجرين” وتابع قائلاً “يبدو أنهم لم يدرسوا المناطق الجغرافية جيدا، ولم نشاهد مراقباً واحداً في يده خريطة ولم يكن هناك اي معرفة لهم بطبيعة سوريا”.
وقال مواطن آخر “معظم المراقبين الذين التقينا فيهم، إما مسيسون أو يجهلون طبيعة عملهم،  فهم لا يتجولون بدون الامن وكانوا ينظرون إلى الأعلى كي لا تصيبهم يد القناصة. ولكن احدهم  تأثر فعلا بما شاهد من أطفال يتامى فقدوا أهلهم وبالبأس الذي يعيشونه في أحد أحياء حمص في بابا عمرو”.
اما في مدينة حرستا فهناك سلوك اخر بعيد عن الشفقة التي ابداها مراقبون اتجاه اهل بابا عمرو، فيقول احد سكان المدينة  “لم يحاول المراقبون ان يسمعوا كل ما أراده المتظاهرون الذي التقوا بهم، ولم  يسجلوا  ما يقال لهم، ولا ذهبوا إلى كل الأماكن التي كنا نريد أن يشاهدوها والبعض كان يكتفي بالتقاط الصور، وأحيانا كان بعضهم يرفض القدوم وحيداً بدون مرافقة أمنية خوفاً من رصاص القناصة”.
على هذا الأساس، ومع ما صرحت به اليوم البعثة العربية بأن في سوريا جماعات مسلحة، يقول أحد الناشطين “يبدو أن النظام نجح بكسب بوق جديد لصالحه”. إلا أن عيسى يبقى متفائلاً بأن تقرير اللجنة لن يكون القول الفصل لتوصيف حقيقة ما يجري في سوريا، “فما غيره الربيع العربي من قوانين الطبيعة السياسية اليوم اطلق يد الشارع في تقرير مصيره” .