- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

تصويت ” ظريف “.. في الكونغرس

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

منذ توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الست في الرابع عشر من تموز الماضي  ، بدأت الأسئلة تُطرح حول النتائج السياسية لهذا الاتفاق على مستوى المناطق الساخنة ومنها اليمن والعراق وسوريا ولبنان ، وبالتالي حول الدور الإيراني الإيجابي أم السلبي في تبريد أو تسخين هذه الساحات المشتعلة . إيران التي لم تتأخر بإرسال موفدها المنتصر بعد مفاوضات شاقة إستمرت أكثر من عامين ، والدائم الإبتسام، وزير الخارجية محمد جواد ظريف ،  حرصت أيضا على إعطاء جرعة من المسكنات، وزعها ظريف الجمهورية على عواصم عدة ، وكان بدأها في بغداد مشددا على تبني لغة حوار جديد قائم على أساس الأخوة والتفاهم  وقال «لا أرى أي مبرر لقلق دول المنطقة من الاتفاق النووي الذي يجلب الأمن والاستقرار في المنطقة، ورسالتي لدول المنطقة هي أن هذا الاتفاق عالج مشكلة مصطنعة». ظريف الذي كان حريصا على تصحيح صورة قائد فيلق القدس قاسم سليماني الراسخة في الأذهان الى جانب الحشد الشعبي ، التقى رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة إضافة الى السيد علي السيستاني لتقديم نموذج العلاقات من دولة الى دولة ، وهو أكد أن إيران دولة قوية قبل الاتفاق وبعده وفي خدمة التعاون مع دول الجوار .
هذا الموقف تبعه حركة إصلاحية عراقية قادها رئيس الوزراء حيدر العبادي ، الذي بدأ حملة لمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين لا سيما عبر تحميل المسؤوليات لمن كان بالسلطة ومنهم سلفه نوري المالكي، المدعوم سابقا إيرانيا وأميركيا، وتمت الخطوات بمباركة البرلمان والمرجع السيستاني . هذه الخطوة العراقية بتوقيتها ومضمونها ما كانت لتحصل ، لو لم ترد طهران ترجمة رغبتها بإعطاء رسائل إيجابية، وإظهار قدرتها على تحويل دورها كشريك في القرار العراقي ، الى عامل إيجابي داخل العراق وتسهيل تمرير أي خطوات إصلاحية .
في سوريا، ربما من المبكر الحديث عن تداعيات أو مؤشرات إيجابية على المشهد السوري في ظل إستمرار القتال ، إلا أن ظريف وخلال جولته كان حريصا أيضا على التعبير عن رغبة بلاده بالتوصل الى إتفاق سياسي وطرح مبادرة إيرانية ، وإظهار الإستعداد للتعاون من أجل التوصل الى اتفاق سياسي ، وهو ما عبر عنه بالامس بعد لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف عندما قال  “نحن متفقون مع بعضنا بأن الشعب السوري يجب ان يقرر مصيره بنفسه بتسهيل من اللاعبين الخارجيين، ولا يجب ان نضع شروطا مبدئية امام الشعب السوري لتقرير مصيره وحل ازمته ونحن وروسيا نتشارك الرأي نفسه حول شرعية الرئيس السوري والحل للازمة هو عن طريق الحوار”. هي محاولة أيضا لإبراز دور إيران كشريك في الحل السياسي وإمكانية تسهيلها أو عرقلتها لأي حل يمكن البحث به .
أما في لبنان، الذي كان ظريف حريصا خلال زيارته بيروت على إبداء بعض المؤشرات ولو الرمزية ، فقد غاب عن جدول أعماله زيارة ضريح الشهيد عماد مغنية ، وهو ما يدخل في باب الرسائل ، كما كان حريصا على توجيه رسالة دعم للحكومة اللبنانية من المطار وصولا الى السراي ولقائه الرئيس تمام سلام . وبقيت الرسالة الأهم ما حمله للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ، والذي يبقى مضمونها رهنا بالمؤشرات في الأسابيع وربما الأشهر المقبلة .
هذه الرسائل تُوزع قبيل المعركة الحامية المتوقعة في الكونغرس الأميركي بعد عودته من عطلته في بداية شهر أيلول المقبل ، حيث بدأ السعي لدى الجمهوريين لحشد أكبر عدد ممكن من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ من أجل ضمان غالبية ” الثلثين ” لقطع الطريق على الفيتو المرتقب للرئيس الأميركي باراك أوباما، في حال تم رفض الاتفاق في الكونغرس .
ظريف الذي يحاول من خلال جولاته وحركة الاتصالات ألسعي لإيجاد تسويات سياسية ، يسعى أيضا لإقناع الكونغرس بإيجابية الاتفاق ، عبر بث تصريحات ومقالات تدعو الى الحوار والتفاهم في إشارة الى أن الإتفاق الإيراني يساهم في  إرساء الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط .
بغض النظر ما إذا كانت نية إيران بعد الاتفاق  إرساء الإستقرار في المنطقة  أم الإستمرار بممارسة سياساتها في التدخل بشؤون جيرانها ، إلا أن تغييراً ظريفاً في السياسة الإيرانية بدا واضحا، وتَرجمَه وزير الخارجية في جولاته المكوكية وتصريحاته ، حتى ولو بقي في الشكل وليس المضمون …