تنتشر موجة من الخوف في العاصمة السورية تركت شوارعها الصاخبة ومقاهيها المزدحمة خالية، لتتحول ليلاً إلى مدينة أشباح يسارع سكانها بالعودة الى منازلهم، خوفاً من أن تكون تفجيرات وقعت في الآونة الأخيرة وأسقطت قتلى نذيراً بمزيد من العنف.
وعلى النقيض من مدن سورية أخرى، لم تشهد دمشق حتى وقت قريب سوى بضعة احتجاجات ضد حكم الرئيس بشار الأسد. لكن تفجيرين كبيرين وقعا في الأسبوعين الأخيرين وأسفرا عن سقوط 70 قتيلا على الأقل غيرا الأوضاع في المدينة.
وقال صاحب متجر للملابس في شارع الحمرا بوسط دمشق “الناس توقفوا عن الشراء. يمكن أن تمر أيام بلا زبون واحد… بعد التفجيرين نغلق مبكراً. فنحن لا نعلم متى سيستهدفون هذا الشارع”.
وبعد حلول الظلام تصبح شوارع وسط المدينة مهجورة وتغلق المتاجر وتختفي سيارات الأجرة. المقاهي الشهيرة مثل هافانا والروضة حيث كان الزبائن يصطفون انتظاراً لخلو مقعد باتت الآن خالية. ويغادر الموظفون أعمالهم مبكراً ويشعر أولياء الأمور بالقلق بشأن إرسال ابنائهم للمدارس.
وقال سوري يعيش في وسط العاصمة «على الرغم من الهدوء على السطح فإن الخوف منتشر في دمشق. تستطيع أن تشعر بالخوف والتوتر في وجوه الناس». وأضاف «تبدو المدينة كمدينة أشباح اعتباراً من السابعة مساء. لا يخرج الاّ القليل وهناك وجود أمني كبير. الوضع قاتم»، وذلك بعد أن هزت ثلاثة انفجارات العاصمة في الأسابيع الثلاثة الماضية مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى.
وقال سكان إنهم يخشون من تفاقم العنف وشكك البعض في ما قالته الحكومة عن أن جماعات مسلحة هي المسؤولة. وقال احد سكان دمشق ويدعى عادل “انا خائف الآن اكثر من قبل. لا أدري متى او أين سيقع التفجير القادم». وأضاف «قد يقع تفجير في اي مكان الآن… الناس لا يتزاورون كما اعتادوا ولا يتركون منازلهم الا للضرورة».
وقال غسان الذي يملك متجراً إن الناس في حيه يعتقدون أن التفجيرين الأخيرين وكانا في يوم جمعة محاولة من السلطات لإثناء المحتجين المناهضين للأسد عن الخروج الى الشوارع بعد صلاة الجمعة. وأضاف “يريدون ترويعنا”.
من جهتها، قالت نسرين التي تصطحب ابنتها الى المدرسة يومياً منذ وقع التفجيران الأخيران “لم أعد أنعم براحة البال. بعد الانفجار الثاني لا أستطيع تناول الطعام او النوم”.
وأضافت “نشعر أننا مستهدفون جميعاً.. سواء من يدعمون الأسد او من يعارضونه او من لا ينحازون لأي من الطرفين”.
ويحذر محللون من أن تصاعد أعمال العنف قد يدفع سوريا الى حرب أهلية طائفية تضع الغالبية السنية في مواجهة الأقلية العلوية التي ينتمي لها الأسد والتي تتكون منها النخبة الحاكمة. ويشعر سكان العاصمة بالانقسام الطائفي بالفعل.
قالت ام عادل “أعيش في مبنى يعيش فيه مسيحيون وعلويون وشيعة. توقفنا عن احتساء قهوة الصباح معاً”. وأضافت “لا نكره بعضنا البعض لكنني أعلم أن جارتي العلوية تخاف مني وتتجاهلني الآن. وانا بدوري لا أحاول التحدث معها”.