- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فضائح موقع الخيانات الزوجية انعكاس لتعاسة وعجز الانسان الحديث

BT 2015نقطة على السطر

بسّام الطيارة

الفضائح التي نتجت وستنتج  عن قرصنة وسرقة بيانات موقع «آشلي ماديسون» للخيانات الزوجية ما زالت في بدايتها. نويل بيدرمان المدير العام التنفيذي للشركة قدم استقالته، وحدثت ثلاث حالات انتحار قد تكون على صلة بنشر البيانات (وأرقام البطاقات المصرفية والمبالغ المدفوعة)، واضطر موظفان في البيت الأبيض لتقديم استقالتهما، وفتح الجيش الأميركي تحقيقاً في وجود أسماء أكثر من ألف جندي على هذه اللوائح و١٥ ألف اسم في الإدارات الحكومية، وبعد أن اضطر مدعي عام فلوريدا أن يقدم اعتذاره علنا ينتظر أن تبدأ بعض الشركات والأحزاب بطرد موظفين وردت أسماءهم، ناهيك عن الخلافات الزوجية التي ستنتج عن نشر أكثر من ١٣٥ مليون اسم للمشتركين في هذا الموقع.

في حين أن الخيانة الزوجية هي مسائل «شحصية» في معظم دول العالم تنهي عنها العادات والتقاليد والأديان والمعتقدات بشكل عام، إلا أن هذه القضية تأخذ بعداً قوياً في الولايات المتحدة إذ أن القوانين العامة تمنع «الخيانة الزوجية» بشكل عام وإلى جانب القصاص الجنحي القضائي الذي ينص عليه القانون فإن القوانين الداخلية للجيش والإدارات الرسمية تنص على «طرد الخائن»، وكذلك الأمر في عدد من الشركات الكبرى التي ترى في مسائل الخيانة الزوجية عائقاً أمام … انتاجية الموظفين. يفسر هذا «توالي الزيجات» في الولايات المتحدة. فهذه الظاهرة التي كان يعتبرها البعض ظاهرة «هوليودية» هي في الواقع انعكاس لهذه القوانين… إذا أردت القيام بـ«مغارة عاطفية» تتجاوز حدود حفلة عشاء أو ارتياد سينما عليك أن تمر أمام مكتب زواج… والزواج في أميركا مسألة «دقائق في مكاتب متخصصة».

الخيانات الزوجية موجودة في كل المجتمعات و«الجمهورية الفاضلة» غير موجودة. ولكن اقتحام «التجارة الرقمية» لهذا الشق من حياة الانسان يبرز احصائيات كان يصعب الحصول عليها في السابق. استنتاج بسيط يدور حول الـ ١٣٥ مليون اسم الذين نشروا (ومن المتوقع نشر أسماء أخرى- انقر هنا)، يقودنا هذا الاستنتاج إلى مجموعة مؤشرات:

تقودنا هذه المؤشرات الأوليه إلى أن الحداثة أوصلت الإنسان إلى انزواء وقوقعة لا مثيل لها في سابق تاريخ البشرية. هذه الانعزالية الشخصية بارزة في عدة ظواهر نراها يوميا في كل مكان: ادمان تصفح أنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي الخاصة والعامة أو «المتابعات على فيسبوك». وتطال هذه الانعزالية الاجتماعية أيضاً «الشباب ومظهرهم» خصوصاً شباب الضواحي المدن الكبرى في لباسهم الذي يغطي الرأس والوجه حين يخرجون من قوقعتهم أمام الحاسوب أو الهاتف المحمول.

«آشلي ماديسون» ليس الموقع الوحيد الذي يقدم خدمات جنسية بشكل خيانات زوجية توجد مواقع كثيرة «أقل كلفة» وتتولى تعريف «الراغبين بمغامرة حنسية» على بعضهم البعض والعاجزين عن الاقدام مباشرة على التواصل، هذه المواقع لا تقتصر على أميركا وهي موجودة في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا وانتشارها هو نتيجة فهم عامل الانعزال الشخصي الذي فرضته الحداثة وسبل الاستهلاك الحديثة، وبالتالي تعاسة الانسان الحديث .. وعجزه.