- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الحوار اللبناني: طاولة بأطباق كثيرة …

najat-charaf-dineنجاة شرف الدين

يجمع العديد من المراقبين على عدم رفع سقف التوقعات، لما سينتج عن إجتماعات الحوار التي دعا إليها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لرؤساء الكتل النيابية، والتي من المقرر أن تبدأ الأربعاء في التاسع من الجاري، في مبنى مجلس النواب في ساحة النجمة. هذه الدعوة والتي حددت بنود البحث بملفات وقضايا سياسية بامتياز ، من رئاسة الجمهورية الى آلية عمل مجلسي النواب والوزراء، وقانون الانتخاب وقانون إستعادة الجنسية إضافة الى  اللامركزية الإدارية ودعم الجيش والقوى الأمنية، حملت بتوقيتها ومضمونها لائحة عناوين ترضي معظم الأطراف، المأزومة أصلاً،    والتي رأى فيها كل من زاويته بنداً يلتقي مع توجهاته، وحده رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ، بقي مغرداً خارج السرب، من خلال تميّزه وتموضعه السياسي الجديد برفضه المشاركة في الحوار، مشترطاً أن يكون بند إنتخاب رئيس الجمهورية بنداً وحيداً في النقاش .

هي ليست المرة الأولى التي يدعو فيها الرئيس بري للحوار ، إلا أنها المرة الأولى التي يجري فيها هذا الحوار على وقع صرخات ونداءات المتظاهرين ضد كل الطبقة السياسية المجتمعة في المجلس النيابي، وستكون المرة الأولى التي يقولون لهم ” كلن يعني كلن ” عبر تحميلهم مسؤولية ما آلت إليه الأمور نتيجة تفاقم الأزمات الإجتماعية والإقتصادية والمعيشية، بعدما تجاوز جدول أعمال الحوار مطالب المتظاهرين والمعتصمين المتعلقة بالنفايات والكهرباء والمياه وغيرها . السلطة التي تحاول أن تعيد إمساك ورقة المبادرة في الداخل بعدما خطفها الحراك المدني، تحاول أيضاً إتهامه بالتنسيق مع أجهزة غربية لمصلحة أجندات خارجية وبأنه متعدد الرؤوس والمطالب التي تتراوح بين تغيير النظام  وملف النفايات مما يجعله أشبه ببيت بمنازل كثيرة .
طاولة الحوار التي نجح بري في ترتيب مقاعدها التسعة عشر، ستحتاج الى أكثر من التقاط الصورة الجامعة، كي تستمر وتعيد بناء الثقة مع الشعب . فالمشاركون جاؤوا لأن المصيبة جمعتهم ، كما ان البنود التي طُرحت حملت في طياتها طُعماً من أجل حضور الجميع ، فأتت البنود تتناسب مع مختلف الطلبات  (à la carte ). فالعماد ميشال عون الآتي من موقع تفاوضي قوي حاملا معه نجاحه في الرابع من أيلول عبر التظاهرة في ساحة الشهداء، يستطيع تثمير ذلك من خلال الدعوة الى تعديل المادة 49 وانتخاب رئيس من الشعب أو الذهاب الى جلسة لانتخابه، إضافة الى التوقف عند رأيه  في أي قانون انتخابي يمكن أن يطرح على طاولة البحث .
أما قوى الرابع عشر من آذار والتي نسّقت موقفها من خلال إجتماع في بيت الوسط فأبدت تمسكها بالبند الأول المدرج على جدول الأعمال وهو إنتخاب رئيس للجمهورية، ما يعني رفض الانتقال الى بند آخر اذا لم يتم حل البند الأول . أما راعي هذا الحوار الرئيس بري، فهو يعلم أن بند الرئاسة لن يكون جاهزا بانتظار القرار الإقليمي والدولي وهو يطمح للقفز الى البنود الأخرى، وهو ما لمّح له عبر قوله، إنه إذا تعذر التفاهم على بند الرئاسة ننتقل الى بند آخر ” ومن يعلم ربما نتفق على قانون الانتخاب وفق النسبية وبالتالي نحقق اختراقا في جدار الأزمة ” .
الرئيس تمام سلام الممتنع عن الدعوة لجلسات مجلس الوزراء خوفا من التعطيل ، سارع الى قبول الدعوة على أمل حصول توافق سياسي كي يعيد تفعيل عمل طاولة الحكومة . حزب الله الذي أيَّد الحوار، معلوم أنه يؤيد كل ما من شأنه الإبقاء على الستاتيكو القائم نتيجة إنشغاله في الصراع الإقليمي . النائب وليد جنبلاط يطمح الى تحويل الأنظار في إتجاه النقاش، ولو من دون نتائج تذكر، من أجل عدم تفاقم الأزمات وإيجاد الحد الأدنى من اللقاء بين الأطراف السياسيين .
عندما أعلن جعجع رفضه المشاركة في طاولة الحوار قال إنها ” مضيعة للوقت “، والرئيس بري الذي ترك الباب مفتوحا حتى لإقفال الحوار عندما قال ” إذا قاطع طرف آخر فسأوقف الحوار “، فهو يعلم أن هذه الطاولة ستبقى بأطباق كثيرة في انتظار لحظة إعادة تكوين السلطة الحقيقية والتي ليست بقريبة…