- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مأزق فرنسا: محاولة تقرب من موسكو دون فك حلفها مع السعودية

BT 2015باريس – بسّام الطيارة (خاص)

يبدو لمن يتابع المفاوضات الدائرة يين زعماء العالم في نيويورك حالياً حول سوريا. أنها تركز على مصير الرئيس السوري. إلا أنه ذلك مخالف جداً لما يدور خلف الكواليس والذي حمل شعلته الوفد الروسي. فبعيداً عن التصريحات حول «بقاء أم عدم بقاء بشار الأسد في سدة الرئاسة» أو «تاريخ ابتعاده عن الحكم بعد أم قبل الحل السياسي».

وفي الواقع تحمل التصريحات الكثير من التناقضات المتغيرة حسب الجهة الإعلامية أو محاور المتكلمين. غير أن الجهد الروسي منصب أولا وأخيراً على تجميع كافة الأوراق المؤثرة في المسألة السورية في سلة واحدة خوفاً من أن يتحول تتدخلها في سوريا إلى مستنقع أفغانستاني. فرغم التطبيل الإعلامي والتهويل فإن التدخل الروسي في الحرب السورية ما زال في طور الضجيج ومجمل المساعدات العسكرية التي ركز عليه الإعلامي هي لا أكثر ولا أقل من أدوات لحماية النظام ولتقوية الأوراق التفاوضية في الجولات المقبلة.

وقد بدأ «تجميع الأوراق المؤثرة» بتحيد مصر بعد تبادل الزيارات بين الزعيمين عبد الفتاح السيسي وبوتين. وأعقبها تحييد الأردن عقب زيارة الملك الأردني إلى موسكو وكانت النتيجة إقفال غرفة التنسيق مع المعارضة في عمان. ثم جاء دور اسرائيل إبان زيارة نتانياهو إلى موسكو حيث أعلن عن «تسيق في ما يتعلق بالحرب في سوريا». بالنسبة للإعلان عن إنشاء «مركز للتعاون الاستخباراتي» يشمل إيران والعراق وسوريا وروسيا في خضم زحمة اجتماعات نيويورك، فالهدف منه هو «الإعلان فقط لا غير» لأن التعاون قائم لا شك فيه.

إلا أن موسكو فشلت في إقناع المملكة السعودية بطروحاتها لحل الأزمة السورية. من هنا انتقل الدفع نحو تحسين العلاقات مع … باريس رغم كل ما يخرج إعلامياً من انتقادات حول زيادة المساعدات العسكرية لسوريا. ويفسر هذا اتصال بوتين بالعاهل السعودي قبل إلقاء خطابه في الأمم المتحدة وإعلان البيان الصادر عن الرئاسة الروسية بأن الرجلين تطرقا الى «البحث عن حل للوضع في سوريا وحصول تنسيق دولي فعال من اجل التصدي لتنظيم داعش».

وكان بوتين قد بدأ بتقديم سلسلة من «الهدايا» لفرنسوا هولاند بدأها بعدم مطالبته بأي تعويض عن عدم تسليم فرقاطتي الميسترال، ويتفق المراقبون على أن موسكو بعدم ذهابها إلى التحكيم تخلت عن حوالي مليار دولار. وبعد ذلك بدأت موسكو بالتلويح برفع الحظر عن الصادرات الزراعية الفرنسية، ثم جاءت الهدية الأوروبية على صحن أوكراني إذ وافقت موسكو على تخفيض سعر الغاز المصدر إلى أوكرانيا ما يعيد فتح انابيب غاز أوكرانيا نحو أوروبا الغربية.

الجواب الفرنسي على الانفتاح الروسي جاء بشكل تغيير في خطاب هولاند تجاه مسألة بقاء الأسد، الإعلان عن قصف الطائرات الفرنسية مواقع داعش في سوريا وذلك لأول مرة. في نفس الوقت كشفت مصادر مقربة أن فرانسوا هولاند يستعد لاستقبال الرئيس بوتين في باريس في طريق عودته  من نيويورك. وأن إعلان تخفيف للعقوبات يمكن أن يعقب هذا اللقاء.

هذا التحول يضع باريس أمام معضلة تقاربها مع السعودية. إذ كشفت مصادر مقربة جداً من المملكة الوهابية أن الرياض وعدت باريس باتفاقيات تجارية تتجاوز الـ« ٥٠ مليار دولار» ناهيك عن الصفقات العسكرية الفرنسية لدول خليفة للملكة دفعت ثمنها أو تكفلت بضمانها الرياض. وبالتالي بات بين فرنسا والسعودية حلف غير مسمى  اقتصادي وسياسي وعسكري. كما أن المملكة وفرنسا رأس حربة رفض بقاء الأسد في السلطة، فكيف يمكن التوفيق بين الحلف الذي تدعو إليه موسكو بمشاركة النظام السوري، وبين مواقف العاصمتين السعودية والفرنسية؟

قد يكون الحل في لقاء بوتين مع باراك حسين أوباما في الأيام المقبلة إذ أن أميركا لا ترى بعين الرضا الحلف الفرنسي السعودي الذي يأخذ من دربها العديد من الصفقات العسكرية ويمنعها من الضغط على الرياض في حال التوصل إلى حل للحرب في وسوريا/ كما يجمع موسكو وواشنط هدف واحد وهو «الإبقاء على النظام في سوريا» بغض النظر عن الاختلاف حول بقاء أو تنحي الأسد، وهو ما لا تشاركهما فيه الرياض وتتحفظ عليه بشكل غامض باريس.