باريس- أوراس زيباوي (خاص)
في قلب الدائرة السادسة عشرة في باريس، والذي يتميز بعمارته الحجرية الفخمة، يوجد شارع صغير يحمل اسم المهندس المعماري الفرنسي روبير مالي ستيفنز Robert Mallet-Stevens ( 1886-1945 ) الذي كان من ألمع المعماريين في مرحلة الثلاثينات من القرن العشرين. وتوجد في هذا الشارع مجموعة من الأبنية المسجلة على لائحة العمارة التاريخية في العاصمة الفرنسية بسبب ريادتها وطابعها الحداثي المميز وقد أنجزها المعماري مالي ستيفينز وهو في ذروة عطائه، وقد عكست إسهاماته الكبيرة في العمارة الحديثة بين الحربين العالميتين.
من هذه الأبنية يطالعنا مبنيان أنجزهما مالي ستيفنز بين عامي 1926 و1927: المبنى الأول كان محترف للنحاتين الفرنسيين التوأمين جان وجوال مارتيل، والمبنى الثاني كان مركز إقامة له ولمكتبه. هذا المبنى الأخير اقتنته عام 2001 مؤسسة إيبوكرين Fondation Hippocrène وهي مؤسسة فرنسية تدعم مشاريع تربوية وثقافية واجتماعية من أجل الشباب المنتمين الى الاتحاد الأوروبي مع التركيز على مبادئ المواطنة والقيم الثقافية والتاريخية المشتركة.
بموازاة نشاطها المتعلق بشباب الاتحاد الأوروبي، تقوم المؤسسة أيضاً بتنظيم المعارض الفنية في قاعاتها، ومنها المعرض الذي افتتح أخيراً تحت عنوان “الأفكار التي تتنفس” وهو مخصص لنتاج عدد من الفنانين المعاصرين. جاء هذا المعرض بالتعاون مع مؤسسة أوبروك الألمانية التي يتمحور اهتمامها بالفن المعاصر.
من المشاركين في المعرض الفنان الإسكتلندي مارتن بويس Martin Boyceالحائز على جائزة تورنير عام 2011 وتعد أهم جائزة بريطانية مخصصة للفنون المعاصرة وتقدم لفنانين دون الخمسين من عمرهم. والفنان متعدد التوجهات وهو ينهل منحوتاته وتجهيزاته من مصادر متنوعة منها فنون وعمارة مرحلة الخمسينات من القرن الماضي والأدب الإسكتلندي والفن السابع والأدب الياباني. ويتمتع الفنان اليوم بشهرة عالمية وهو يهتم في منحوتاته بتجسيد البيئة المدنية المعاصرة بأسلوب شعري.
إلى جانب أعمال مارتن بويس، تطالعنا في المعرض أعمال لفنانين آخرين منهم الفنانة الأميركية كارول بوف Carol Bove المقيمة في نيويورك والتي تستعيد أجواء مرحلة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ومنها حركة الهيبي وموسيقى البوب والثورة الجنسية، والفنان البوسني الفرنسي بوجان سارسيفيك Bojan Sarcevic الذي أمضى سنوات طويلة في المغرب والجزائر وهو متخرج من “معهد الفنون الجميلة” في باريس ويعتمد في أعماله على تقنيات عديدة منها الفيديو والصورة الفوتوغرافية مركّزاً في منحوتاته على علاقتها بالفضاء وعلى طابعها العابر.